محمد حسن الساعدي
الزيارة التي قام بها وفد رفيع، يترأسه وزير الدفاع ثابت العباسي، إلى جانب قيادات أمنية، المعلن فيها أنها من أجل مناقشة التعاون الأمني المشترك، بين الولايات المتحدة الأميركية وبين العراق، حيث ينظر إلى هذا التفاهم والاتفاق إلى ما أبعد من هزيمة عصابات داعش الإرهابية، التي سيطرت على ثلث العراق، وتم تحريرها بمشاركة من قبل كل تشكيلات القوى الأمنية.
وزير الدفاع الأميركي “أوستن” وبعد الاستقرار السياسي الذي شهده العراق، يسعى إلى إعادة سطوة البيت الأبيض على السياسة الأميركية، بعد إن فشلت السفيرة الأميركية “رومانسكي” في توجيه السياسية العراقية، ليسعى وزير الدفاع الأميركي الى أن يقود حركة التغيير، وإعادة الهيمنة الأميركية على المنطقة من خلال العراق.
على الرغم من إدعاء واشنطن، أنها مازالت تقدم الدعم والمشورة والمساعدة، من أجل تمكين قوات الأمن العراقية في حربها ضد الإرهاب، إلا إن أننا لم نجد هذا الدعم على ارض الواقع، فلا شيء واقعي للقوات الأمنية في حربها ضد الإرهاب الداعشي طوال سنتين، وتبقى مثل هذه الدعاوى مجرد شعارات، تسعى لها واشنطن من أجل أن تربح على المستوى الداخلي الأميركي، أو تعطي صورة عن واقعها المزيف.
ينظر إلى هذا الاجتماع إلى ما هو أبعد من هزيمة داعش، وهو ثمرة زيارة قام بها أوستن إلى بغداد في شهر آذار الماضي، وكما عبرت عنه نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط، خلال مقابلة تلفزيونية خلال الأسبوع الماضي: “نحن مهتمون بعلاقة دفاعية دائمة، ضمن شراكة ستراتيجية”، وهنا لابد من طرح تساؤل، هل هذه الشراكة بديل عن الاتفاقية الستراتيجية، التي وقعت بين بغداد وواشنطن، بعيد الاحتلال الأميركي للعراق، أم إن هناك أمراً جديداً يحدث في المنطقة، يستوجب إن يكون هناك تدخل أميركي محتمل؟
العديد من المسؤولين العراقيين، يعتبرون إن الاتفاق الجديد يمهد لإقامة علاقة جديدة بين العراق وواشنطن، والتهيوء لإقامة علاقات ستراتيجية مع الحكومة العراقية ولسنوات قادمة، حيث يبحث هذا الحوار “التعاون الأمني المشترك” وسبل تطبيع العلاقات الثنائية بين جيوش الولايات المتحدة والعراق، والذي يشمل برنامج التدريب للقوات العراقية، والتي أخذت دورها الحقيقي في الدفاع عن العراق وشعبه، لا بدعم من واشنطن، بل بإيمانها بالدفاع عنه امام تنظيمات إرهابية، جاءت بأجندات خارجية لرسم خاطرة جديدة للمنطقة.
التحركات الأميركية الأخيرة ودخول بارجتان أميركيتان بمعية 3000 جندي، جاءت ليس من أجل تقديم الدعم للعراق وشعبه، وهو أمرا ليس معتاداً من قبل واشنطن، بل جاء من اجل ضرب الاستقرار الحاصل في المنطقة، وتحديداً بعد التقارب المهم بين سوريا والمملكة العربية السعودية وتبادل الزيارات بين البلدين، إلى جانب المناقشات الحوارات المهمة بين طهران والرياض، والذي استطاع بإرادة البلدين من خلق جو آمن، بعيداً عن سيطرة واشنطن وتأثيرها السلبي على المنطقة.
من الضروري استثمار وهج الاستقرار من أجل إحياء الاتفاقيات الاقتصادية والسياسية بين الدول العربية والإسلامية، وتفعيل دور الدفاع العربي المشترك، بالإضافة إلى ايجاد التفاهمات الضرورية، لقبول طهران كلاعب مهم في المنطقة وكسبه كصديق أكثر من عدو.