صادق الازرقي
تؤدي التغيرات المناخية حتما الى التأثير على الاقتصاد فهي أولا تشكل تهديدًا للإنتاج الزراعي، اذ يعمل التغير المناخي على تقليله، فمع تغير المناخ، تصبح الظروف الجوية غير مواتية بدرجة كبيرة لزراعة محاصيل بعينها، بحسب خبراء الزراعة، كما أن طرق الزراعة التقليدية تُشكِّل خطورة وضغطاً كبيرين على النظم البيئية العالمية، إذ ينتج عنها كميات كبيرة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بما يسهم في مزيد من التغيرات المناخية، علاوةً على ذلك، يستهلك الإنتاج الزراعي كميات كبيرة من المياه العذبة، ما يُمثِّل خطورةً على كميات المياه العذبة المتوافرة.
وقد يؤدى ارتفاع درجات الحرارة إلى تغير محتمل في طبيعة انتاج المحاصيل، ما يؤدى إلى ارتفاع أسعار الأغذية نتيجة لتباطؤ زيادة الإمدادات الغذائية العالمية نسبةً إلى زيادة الطلب العالمي عليها، أي ستتسبب التغيرات المناخية في تناقص المحاصيل المختلفة، ما يؤدى إلى انخفاض مستوى الأمن الغذائي، بخاصة بالنسبة للدول المستوردة للغذاء، بحسب المتخصصين.
كما ان للتغيرات المناخية تأثير كبير على السياحة التي تشكل رافدا مهما لاقتصاد كثير من البلدان، اذ يسبب ارتفاع درجة الحرارة تراجعاً شديداً في مؤشر التصنيفات السياحية لعديد الوجهات السياحية.
وبحسب الخبراء فان الكوارث المناخية تقلل النمو الاقتصادي السنوي بنسبة 1-2 نقطة مئوية للفرد، كما تسببت الكوارث في خسارة دائمة بمنطقة القوقاز وآسيا الوسطى مثلا، بنسبة 5.5 نقطة مئوية. كما أنه على المدى الطويل، يُتوقع أن يضعف التغير المناخي النشاط الاقتصادي العالمي نتيجة الأضرار المترتبة على قطاعات اقتصادية حيوية مثل الزراعة، والأضرار في الممتلكات والبنى التحتية، وارتفاع تكاليف التأمين، وضعف الإنتاجية، والتهجير.
في المقابل، تشير بعض الدراسات إلى احتمال أن يؤدى ارتفاع الحرارة، بمعدل 2 إلى 2.6 درجة مئوية، إلى خسائر اقتصادية عالمية بنسبة 11 إلى 13.9%، أي أعلى بنحو 10% من خط الأساس؛ لكن السيناريو الأسوأ يحدث إذا ارتفعت الحرارة بمعدل 3.2 درجة، إذ قد يؤدى ذلك إلى خسارة 18.1% من الناتج الاقتصادي العالمي بحلول منتصف القرن.
كريستينا لاجارد، مدير صندوق النقد الدولي، تقول إن بعض البلدان الأشد عرضة لموجات الحرارة الشديدة ونوبات الجفاف والعواصف وارتفاع مستويات البحار غالبا ما تواجه احتياجات تنموية ملحة أخرى، يعنى هذا أنه من المهم أكثر من أي وقت مضى الاستثمار في النمو القادر على الصمود، مع إدماج التكيف إدماجا كاملا في الأهداف الأخرى للتنمية المستدامة، على حد قولها.
صحيح ان الدول الصناعية تتبادل الاتهامات فيما بينها، وهي محقة، بشأن تسببها في التغير المناخي وتطالب بعضها البعض بالحد من النشاط الصناعي لتقليل انبعاثات الغازات المضرة، الا ان الدول النامية عليها أيضا ان تحذر من تأثيرات التغير المناخي على اقتصاداتها، وان تعد العدة لمواجهة ذلك بالبحث عن مصادر المياه وتوليدها لمواجهة الجفاف وتنقية مياه البحر، لتوفيرها لاستعمالات الشرب والطبخ، وكذلك يتوجب البحث عن مصادر الطاقة النظيفة البديلة عن ملوثات المناخ؛ واذا كان العالم يجد في السيارات الكهربائية بديلا نظيفا نوعا ما عن سيارات الوقود، فاننا يجب ان نبحث عن مصادر بديلة ورخيصة لتشغيل المصانع المتوقفة وانشاء مصانع جديدة لتشغيل الايدي العاملة، ولتطوير الإنتاج الزراعي والسياحة وغيرها من نشاطات دعم الاقتصاد.