ارهاصات بيئية .. الطيور المهاجرة إلى العراق ومخاطر التهديد البيئي

صادق الازرقي

من المعلوم أن للطيور دورا كبيرا في التوازن البيئي، لاسيما فيما يتعلق بتنقية المناخ، اذ تسهم الطيور بإعادة النباتات إلى النظم البيئية التي دمرت، بل إنها وبحسب الدراسات تحمل النباتات عبر البحار إلى قارات ومناطق جديدة، فتساعد في تشكيل الحياة النباتية في العالم، ويورد المتخصصون الزراعيون وعلماء البيئة، أن هناك دراسات عن غابات نيوزيلندا التي تحتوي على 70 في المئة من النباتات التي نثرت بذورها طيور مثل طائر “التوي”.

وكانت الطيور المهاجرة تصل اهوار العراق بأعداد كبيرة بين شهري تشرين الثاني وكانون الثاني من كل عام، قادمة من أوربا وأميركا وروسيا، لكنها في المواسم السابقة تعرضت للإبادة بحسب المراقبين، حتى وصل الأمر إلى قتل طيور النحام “الفلامنجو” التي لم تصنف كطيور صالحة للأكل، فيما جرى اصطيادها في جنوب العراق وذبحها وبيعها كلحوم، كما يجري اصطياد الطيور بأساليب متخلفة تؤدي إلى إبادة الأجناس الداخلة إلى العراق بصورة شاملة.

واستنادا إلى متخصصين في شؤون البيئة فان الصيادين يتجمعون عادة ضمن فرق جوالة في المناطق الجنوبية والشمالية والغربية، ولا يستثنون أي طير يصادفهم بهدف الربح والمتعة معاً، ما يجعل مئات من انواع الطيور مهددة بالانقراض.

وبحسب الموسوعات فإن قائمة أنواع الطيور المتواجدة في العراق كانت تضم 414 نوعاً، منها نوع انقرض في العراق ولكنه متواجد خارجه وهي طيور الحبارى الكبرى، ونوعين أدخلهما البشر، و52 نوعاً نادراً، و18 نوعاً في قائمة المهدد بالانقراض عالمياً.

ويكشف ممثل تجمع حماية البيئة في العراق ان “200 صنف من الطيور المهاجرة التي تصل إلى العراق سنوياً تقع ضحية الصيد الجائر، وبينها الحبارى والقطا والسمان والإوز البري والبط البري والحمام والصقور والنسور والبلابل، وحتى العصافير”.

ويشير الى أن عمليات قتل ممنهجة تمارس في حق الطيور والحيوانات في غالبية المناطق البرية بالعراق، بدليل أن بعض الأشخاص يصطادون أكثر من ألف طائر يومياً، منوها إلى موقف حكومي لإصدار قوانين تضع حداً للظاهرة التي باتت غير محصورة بالصيادين المحليين إثر دخول أجانب على الخط في البوادي والمناطق الصحراوية.

ان البيئة الحيوانية التي كان يتمتع بها العراق قبل فترات الجفاف وتزايد الحرارة كانت في منتهى التنوع؛ وفي مجال الطيور لطالما ارتبطت ذاكرة الناس بأشكال الطيور الجميلة ومنها طيور الماء والخضيري وام سكة واللقالق والوز إلى الحد الذي عرف في تصنيف الممالك الحيوانية بالوز العراقي، وغير ذلك من التنوع الاحيائي البيئي.

 ان الصيد الجائر غير المنضبط عملية خطيرة تؤدي فيما تؤدي إلى انقراض أصناف الحيوانات ومنها الطيور، كما يؤدي بالضرورة وبغريزة الحيوان المتولدة، إلى البحث عن بيئات أخرى بديلة عن البيئة العراقية، وهو ما حدث فعلا في السنوات السابقة باختيار أعداد كبيرة من الطيور المهاجرة، لتركيا كمكان بديل لها عن العراق، الذي تتعرض فيه إلى الإبادة والانقراض.

ويتطلب ذلك من الدولة أن تسن القوانين المطلوبة لحماية التنوع البيئي اقترانا بالمستجدات التي ولدها التغير المناخي والتلوث البيئي؛ لغرض إبقاء العراق واجهة هجرة شتوية للطيور بأصنافها المتنوعة.

 

 

قد يعجبك ايضا