معضلة تفريغ سفينة النفط “صافر” في طريق الحل

 

التآخي ـ وكالات

بعد سنوات، ارتفعت فيها التحذيرات من كارثة الخزان النفطي العائم قبالة اليمن، انطلقت عملية سحب حمولة الناقلة “صافر”، لتجنّب كارثة بيئية. خبراء يرون أنّ الحل الجذري ما يزال معقوداً على مصير النفط المنقول للسفينة الجديدة.

وفي غضون أيام، دخلت خطوات الإنقاذ مراحلها الحاسمة، بعد إعلان الأمم المتحدة بدء نقل الوقود المحمل على متن ناقلة “صافر” إلى السفينة الجديدة، وهي المرحلة التي تستمر نحو 19 يوماً، بعد أن قطعت الخطة في حزيران 2023، خطوات هامة على صعيد نزع فتيل تهديد السفينة بالانفجار، بوساطة نقل الغاز الخامل من على متن السفينة.

وأوضح منسق وكبير مستشاري الأمان في عملية الإنقاذ محمد صديق مضاوي، أن عمليات ضخ الوقود إلى الناقلة الجديدة تواصلت بسلاسة، حيث تم ضخ نحو 24 بالمئة في المرحلة الاولى، منوها إلى أن” العملية تجري من دون أي مخاطر بيئية، اذ أن هناك إجراءات محكمة لنقل النفط بشكل آمن تحت إشراف أفضل الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال”.

 

 

وبشأن ما ستخلص إليه العملية الجارية يقول مضاوي إن مخاطر التسرب تنتهي “عند الانتهاء من عمليات الضخ والتفريغ من خزان صافر، ولكن في أثناء عمليات الضخ تتبع الشركة المنفذة أعلى معايير السلامة”، كما أن هناك أيضا “خطة محكمة للتعامل مع التسرب إذا حدث خلال أي مرحلة من مراحل الضخ”.

وعن مصير السفينة البديلة، يؤكد انها “ستبقى في الموقع نفسه وسيتم ربطها مع أنبوب النفط من خلال منصة تحميل بحرية سطحية عائمة وهي العوامة (Calm Buoy) حيث تعاقدت الأمم المتحدة مع شركة عالمية لإدارة الباخرة لمدة ستة أشهر قابلة للتمديد لتسعة أشهر”.

 ورداً على ما يُطرح حول إمكانية بقاء السفينة إشكالاً سياسياً مع تواجدها في مناطق سيطرة الحوثيين، يطمئن مضاوي بأن “جميع الأطراف اليمينة أبدت تعاوناً جيداً مع عملية الإنقاذ”.

وبنيت سفينة صافر في عام 1976 وانتقلت للعمل كسفينة نقل نفطية عملاقة، منذ عام 1989 وصولاً إلى 2015 العام الذي تصاعدت فيه وتيرة الصراع في البلاد، وبدأ التحالف بقيادة السعودية عملية عسكرية ضد جماعة أنصار الله الحوثية؛ وقتها كانت السفينة ترسو على بعد 4.8 أميال بحرية قبالة شواطئ مدينة الحديدة الساحلية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين وعلى متنها 1.14 مليون برميل نفط، تحولت معه تدريجياً إلى تهديد كارثي.

 

 

وبعد عامين من توقف الصيانة والإنتاج في السفينة، وتحديداً في عام 2017، توقفت أنظمة الضخ المطلوبة للغاز الخامل في السفينة وبدأ هيكلها بالتآكل، وذلك في ظروف سياسية وعسكرية استغرقت معها الجهود الأممية للحصول على موافقة من الحوثيين للوصول إلى السفينة وفحص سلامتها، ما يزيد عن ثلاث سنوات.

وبالترافق مع هذه الجهود، استمر هيكل السفينة بالتدهور كل يومٍ إضافي، مهدداً بكارثة بيئية تتجاوز تأثيراتها اليمن ودول المنطقة المحيطة في البحر الأحمر إلى العالم، فمن شأن انفجارها أو أي تسرب نفطي، أن يدمر البيئة البحرية ويهدد المناطق الساحلية السكانية في اليمن ومحيطها بشكل مباشر، وهي خسائر قدرتها الأمم المتحدة وفرقها الفنية بنحو 20 مليار دولار.

وفي أعقاب الضغوط الدولية والتحركات الدبلوماسية التي بقيت محوراً لجهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي منذ العام 2018 في الأقل، حصلت المنظمة الأممية على الموافقة للوصول إلى السفينة مع نهاية العام 2020.

 وقدمت في العام الذي تلاه، مسودة خطة لصيانة وإنقاذ الناقلة، وهي الخطة التي تعرضت للتعديل والتطوير وصولاً إلى آذار العام الجاري، بالإعلان عن شراء سفينة جديدة يجري نقل حمولة الوقود ومتعلقاتها إليها، في إطار الخطة التي تزيد تكلفتها في المحصلة عن 144 مليون دولار.

ويرى الباحث والمحلل العسكري اليمني المختص بالشؤون البحرية علي محمد الذهب أن عملية الإنقاذ الجارية تمثل من ناحية الأمن البيئي البحري مكسباً وخطوة متقدمة، على طريق وقاية المياه البحرية من أي خطر أو تلوث يشكله الانفجار والتسرب للزيت من السفينة صافر.

 

 

 

وعلى الصعيد ذاته، يقول الباحث البيئي رئيس مؤسسة “حلم أخضر” اليمنية، محمد الحكيمي، إن مؤسسته التي كان لها دور في تحريك القضية إعلامياً تشعر بـ”بنوع من التفاؤل بشأن هذا الإنجاز الذي قامت به الأمم المتحدة مع شركائها لاسيما الشركة الهولندية”.

 ويرى أن ما أنجز حتى اليوم “يجسد حالة من التعاضد والتعاون الدولي في معالجة الأبعاد البيئية أو في معالجة القضايا البيئية في ظل حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد”.

في ضوء التقدم الأخير، بات واضحاً أن الخطر الأكبر الذي شكلته صافر يقترب من النهاية، ومع ذلك، فإن المهتمين ما يزالون يرون أن مشكلة النفط الخام الموجود على متن السفينة، الذي يجري نقله إلى الناقلة البديلة، ما تزال مستمرة، إذ ستحل الأخيرة محل الخزان السابق، من دون أن يتم تحديد مصيرها حتى اليوم.

ويتابع الحكيمي أن الأمم المتحدة أعلنت أن عملية النقل تستغرق 19 يوماً ولكنها لم تحدد بالضبط متى سيتم أيضا التصرف بهذا النفط، كونه “يظل يشكل مع مرور الوقت أزمة وسترتفع احتمالات الخطر تدريجياً”، نظرا لأن “الناقلة الجديدة كانت مستهلكة ومستعملة وجرتا إعادة صيانتها من جديد كبديل لصافر”.

ويشدد المتحدث في السياق، على أهمية أن تتحرك الأمم المتحدة في مساعيها السياسية والتوافقية من أجل عمل حل لهذا الأمر، وأن تعمل المنظمة الدولية مع شركات النفط المتخصصة، لنقل هذه الشحنة التي استمرت منذ العام 2015.

وجرى احتواء الوعاء أو المنصة، وتبقى استمرار جهود العمل لتفريغ الشحنة بكاملها، حتى لا تظل السفينة الجديدة لسنوات ثم تأتي الأمم المتحدة، وتطلب حملة جديدة وتنادي بالتحذير من الكارثة، إذ من شأن ذلك، أن يمثل استفادة من الكارثة، في ظل أزمة تعيشها البلاد وجمع أموال وما إلى ذلك.

ويرى خبراء أنّ مشكلة النفط الخام الموجود على متن السفينة، الذي يجري نقله إلى الناقلة البديلة، ما تزال مستمرة.

هذه المحاذير يثيرها الذهب أيضاً، إذ يقول، إن المسألة تظل الآن ما يتعلق باستكمال النقل للسفينة أو الخزان الجديد والصيانة للخزان الجديد العائم للسفينة الذي أطُلق عليه، “يمن”، وهل ستكون “هناك صيانة دورية أم أن الأزمة ستأخذ مدى زمنياً أكبر وبالنتيجة تتقادم وتقل تدابيرها الأمنية”؟، ومن هذا المنطلق “يجب أن يكون بقاء النفط في السفينة مؤقتاً أو تصرف هذه الشحنة بطريقة تضمن عدم التلوث مرة أخرى”، وفقاً للمتحدث.

قد يعجبك ايضا