شيركو حبيب
في صبيحة آخر أيام شهر تموز عام 1983 ارتكب نظام صدام حسين البعثي المقبور جريمة بشعة أخرى ضد أبناء الشعب الكوردي، ضمن جرائمه العنصرية الشوفينية بحق شعب مسالم ليس له ذنب سوى أن الله سبحانه وتعالى خلقهم كوردا.
جرائم الأنظمة العراقية منذ نشأة الدولة ضد الشعب الكوردي لا تعد ولا تحصى، منها عمليات الأنفال سيئة السمعة بدءا من الكورد الفيلين إلى البارزانيين ومنطقة كرميان وبهدينان والمناطق الأخرى، حيث التهجير والتعريب والتغيير الديمغرافي الجبري، واستعمال الغازات الكيمياوية، وإزالة الآلاف من القرى وتهجير أهلها.
لم يكن للبارزانيين أي ذنب أو تهمة سوى أنهم كورد دافعوا عن الحق ضد الظلم والطغيان ولم ينحنوا للظالم، ودافعوا عن المظلومين و آمنوا بالمساواة والرفق بالحيوانات وحماية البيئة.
وكانت بارزان ولازالت عرين الأسود مهدا للوطنية والتضحية والفداء، لهذه الأسباب قام النظام الصدامي البائد والأنظمة التي سبقته بأنفلة 8000 فرد من البارزانيين ممن جاوزت أعمارهم 14 عاما حتى 80 عاما، وذلك بدفنهم أحياء في صحارى العراق قرب الحدود السعودية، وفرض الإقامة الجبرية على النساء في مجمعات قسرية في ضواحي أربيل، وكانت النسوة مثالا الشرف الرفيع، قاومن الإرهاب بكل شجاعة مرفوعات الرؤوس.
إن جريمة أنفلة 8000 بارزاني هي جريمة نظام لا تغتفر، ارتكبت دون توجيه تهمة أو محاكمة حقيقية للضحايا،سوى انهم كورداً، هكذا كانت تتعامل الأنظمة مع الكورد العراقيين.
البارزانيون منذ خالد الذكر الشيخ عبد السلام البارزاني ولحد يومنا هذا يدافعون عن كرامة الإنسان وحريته ونصرة المظلوم، وبسبب مواقفهم الوطنية والإنسانية نجد الحكومات منذ العهد الملكي والاحتلال الإنجليزي تهاجم مناطق بارزان وتحرقها عشرات المرات، لكن لم تستطع أي من الحكومات أو الاحتلال، حتى حكومات العهد الجمهوري، النيل من بارزان، لإيمان البارزانيين بعدالة قضيتهم ودفاعهم الدائم عن المظلومين.
ثورة بارزان على الطغاة و ضد الاحتلال الإنجليزي تعددت بقيادة الأب الروحي للكورد مصطفى بارزاني، الذي نستلهم من تراثه الخالد معاني النضال و الفداء و التضحية وخدمة الوطن، واليوم الزعيم والمرجع مسعود بارزاني بشخصيته و نضاله يدافع عن القيم الإنسانية لنشر ثقافة المحبة و التسامح و التآخي.
لقد عجزت جرائم وكوارث التاريخ عن تحطيم إرادة شعب كوردستان ووأد حقه في الحياة والبقاء، وكان تغييب و أنفلة البارزانيين جريمة ضد كفاح شعب كوردستان ونضاله في سبيل الحرية، لكنهم واجهوا بمزيد من القوة طالما زاد مجرموا الأنفال من أفعالهم الدنيئة.
في الذكرى السنوية للإبادة الجماعية وأنفلة ثمانية آلاف يافع وشاب ورجل من المدنيين البارزانيين، ننحني إجلالاً وإكباراً لأرواحهم الطاهرة، ونستذكرهم بكل إكرام وتقدير. ونصر على مواصلة النضال من أجل الأهداف السامية لتعاليم بارزان، كما نجدد الإصرار على الحق في تعويض عوائل الإبادة الجماعية وحملات الأنفال تعويضاً مجزياً و على الحكومة الاتحادية،الالتزام بما نص عليه الدستور، بعد أن تجاهلته بكل أسف لسنوات طويلة، وما زالت، مثل كثير من المواد الدستورية، فلا لا يمكن التغاضي عن تعويض ضحايا النظام السابق، ولا يمكن القبول بتكرارها مستقبلا على أيدي أنظمة أخرى، أو أعداء جدد محتملين للشعب الكوردي المتسامح الباحث عن الحق والحرية والعدالة والكرامة والمساواة لنفسه وكل مكونات العراق وكردستان وشعوب الأرض الحرة كافة.