اشراقات كوردية … مدخل إلى جماعة العلويّة (قزل باش) الكوردية

الجزء (2)

اعداد: خضر محمد

من كتاب (تاريخ كوردستان من البدايات حتى القرن العاشر) للكاتب عبد الله خليل قره مان.

طقوس علوية: (قزل باشية)

نوهنا سابقاً أن الطقوس العلوية القزلباشية تخلو من الصوم والصلاة، حسب طريقة أهل السنة، إلا أنهم يؤدون صلوات خاصة في “الجم” أو بيت الجمع المعادل لمصطلح “الجامع” حيث لا يقيمون الجوامع والمساجد بدعوى أنه لم يكن هناك مساجد في زمن النبي، فضلاً عن أن علي بن أبي طالب قتل في المسجد، حيث يجتمع الرجال والنساء في “الجم” معاً ، ويؤدون صلواتهم التي هي على شكل ادعية وابتهالات وحركات راقصة تدعى “سما” بإشراف رجال الدين من : “بير” أو “دَدَه” ولا يوجد فيها ركوع وسجود، ويقول بعضهم أنه يجوز عند غياب البير أو الدَدَة أن تنوب عنه زوجته “أنا”.

 

 

لا يصوم العلويون (القزل باشية)  في شهر رمضان، وإنما لديهم صوم بداية شهر محرم اثني عشر يوماً حزناً على مقتل الحسين، ولذكراه لا يشربون الماء، ولا يذبحون القريبين، ولا يحلق الرجال شعورهم، كما يصومون ثلاثة أيام في شهر شباط ويدعى صيام الخضر ( النبي شعيب )، ويقدمون الأضاحي في مقام “بابا دوزكون” أحد سادتهم،  وبمواجهة نهر “منذر” الذي يرونه مقدساً، كما يسجدون أمام مراقد ومقامات سادتهم وصور علي بن أبي طالب والخضر، مناجين وداعين للخير والصحة ، لكن الطريف أنه أي عندما لا يستجاب دعاؤهم، يلومون أصحاب المقامات والمراقد، أي أن علاقة العلوي القزلباشي بالله، وكذلك طقوسه وصلواته،  تخلو من الخوف والعبودية للخالق وممثليه، إنها علاقة صداقة، ويعلونها صراحة : “لا أؤمن بالله خائفاً بل عاشقاً” .

كما يقام في “الجم” إضافة إلى الطقوس الدينية، اجتماعات حقوقية يتم فيها مناقشة الشكاوي والمظالم المرتكبة بحق الأفراد، وتصدر الأحكام الشرعية باسم “ديوان الحق”، تحت إشراف ال “بير” أو ال “دَدَه” وبحضور جمع من الناس للإشهاد وتنفيذ الأحكام، ويدعى المكان الذي يجلس فيه المتهم أي قفص الاتهام “دار منصور” الآتي من اسم المتصوف الشهير الحسين أبو منصور الحلاج (٨٥٨ – ٩٢٢) م ويشبه هذا طقس الاعتراف المسيحي حيث لا كذب فيها، وتعقد تلك المجالس في أيام الخميس وهو يوم العطلة الاسبوعية (الزرادشتية).

ويؤدي العلويون القزلباش قَسم اليمين عند اللزوم حسب النص التالي، كما ورد في كتاب “تاريخ كوردستان- ديرسم” لمؤلفه الطبيب الثائر المرحوم محمد نوري ديرسمي:

“باسم الله الواحد الأحد، وشفاعة الرسول المصطفى محمد، وولاية الخضر علي ذو الفقار، وهداية فاطمة الزهراء، وبعناية ولطف وفضل الائمة الاثني عشر، وبرواية هرمز وحقائقه، أقسم على أن لا أكذب، ولا أزني، وأرى أصدقاء آل البيت أصدقائي ،وأعداؤهم أعدائي، وأن أكون مساعداً ومتعاوناً وصالحاً للبشر والجيران والأهل والأصدقاء، وأرعى الحق والحقوق كاملة، وأن أرى حقوقهم حقوقي، والا اخرج عن وعظ ونصائح البير والمرشد الذي اخترته، وأن تكون علاقتي بمصاحبي الذي اخترته كعلاقة النبي محمد بعلي، وأن محبتي وارتباطي المادي والمعنوي مع أصدقائي وأهلي وجيراني كعلاقة بين محمد وعلي، وأعتبرهم اشقائي وشقيقاتي، وأن اكون بعيداً عن الحقد والبغض والسخرية،  وأقسم على التزام هذه الحقيقة ما دمت سائراً على نهج ودرب النبي وآل بيته”.

 

 

ولدى القزلباش مجموعة من الأعياد والمناسبات مثل:

١- عيد النوروز: يعتبر بداية الربيع وميلاد الإمام علي بن أبي طالب، وليلة ٢١ آذار تدعى “نوروز السلطان”.

٢- عيد عاشوراء: يأتي بعد ١٢ يوم صيام من شهر محرم، ويتم إعداد طبخة عاشوراء مؤلف من: ماء، وملح، وقمح، وحمص، وزبيب، وتمر، ومشمش مجفف، ومكسرات، بحيث تكتمل ١٢ مادة، وتوزع على الاهل والجيران، ثم ينعقد مجلس الجم، وتتلى الآيات والأدعية والأناشيد والمدائح المصاحبة مع الموسيقى ورقصة “سما” شكل (١٠٠)

٣- لقمة موسى الرحال: وهي جمع الطعام والقرابين وطبخها وتوزيعها على الجميع، ويعتقدون أن ذلك يدرّ البركة على المحصول.

4- بوكا باراني (عروس المطر): حيث يزينون فتاة ويجوبون بها على جميع البيوت، لجمع السمن والبرغل أو الرز، ويطبخونه خارج القرية، ومن ثم يوزعونه على جميع السكان، ثم تقام الدبكات على أنغام الموسيقى والغناء الشعبي احتفاءً بقدوم الربيع، ويبدو ان هذا العيد ينحدر من الزرادشتية.

يذكر أنهم يحتفلون أيضاً بعيد خضر الياس، وعيد الأضحى، كما يحتفل يحتفل بقية المسلمين بتقديم الأضاحي، وزيارة القبور والأضرحة، وننوه أن عيد الأضحى عيد مقدس تحتفل كافة الطوائف الدينية الكوردية.

ومن عاداتهم لا يتزوجون من اقربائهم، حيث يعتبرون اولاد العم والعمات والخال والخالات إخوة لهم، وفي ذلك يشبهون المسيحيين، وإن كل فتى يختار من بين أسر معارفه وجيرانه فتاة يتخذها أختاً له مدى الحياة، وكذلك تفعل الفتاة حيث تتخذ أخاً لها مدى الحياة، ويجرون ختان الاولاد في ذكرى ميلاد الإمام علي، ويقيمون احتفالات الزواج في ذكرى ميلاد الحسين، كما أنهم لا يحرمون شرب الخمر، وننوه إلى أن المرأة مكرمة ومبجلة في المجتمع العلوي، حيث تقام الاحتفالات والأحزان والطقوس الدينية كافة بشكل مختلط ولا يوجد فصل بين الجنسين، كما لا يشاهد اي أثر للنقاب او الحجاب، حيث الفتاة العلوية حاسرة الرأس بينما المتزوجات منهن يضعن على رؤوسهن منديلاً تغطي نصف الرأس، دلالة إلى انها متزوجة .

 

قد يعجبك ايضا