*فاضل ميراني
مضى قرن كامل على المعاهدة، التي اعادت خياطة الارض كما تشتهي نفوس الاقوياء.
كانت معاهدة سلام، في الحقيقة سلام ما بعد الحرب يُنطر اليه من خلال بنود الاتفاق فيجري فهم لم قامت الحرب من الاساس و ما سيتوجب على الطرف الخاسر من ثمن و للفائز من مكسب و واجب.
لوزان هي بأختصار تفكيك للخلافة بنسختها الاخيرة، الخلافة التي صارت نظام حكم فتبدلت سيرتها كثيرا و ابتعد مضمونها عن المفهوم الذي تصوره سيرة السنوات الاولى بعد وفاة النبي.
فسرعان ما تحركت عوامل عقدية و اجتماعية و اسرية و مصالح بشرية لا يصلح محاكمتها بميزان اليوم، فليس من الانصاف و العلم اسقاط وعي و احكام الحاضر على ظروف الماضي، فكيف ان ظهر ان ما يمكن جرحه او نقده من تصرفات سلطات الخلافة بنسخها الاموية و العباسية و الفاطمية ثم الدويلات المعارضة لها وهي ايضا بنفس مسلمات الخلافة دينيا و لو بشكل ظاهري، قد كررت عين السياسية التي اودت اخيرا بمسيرة النظام للذهاب الى يد اعراق اخرى.
اقول: ان الحقب المتعددة و الصراع المستأصل على السلطة و التطور المجتمعي و الموقع الجغرافي لخريطة القوة الاولى التي تمكنت من خلال الدين الحنيف من جذب الجموع لها، لم تكن تلك القوة بعيدة بعد عقود قليلة من الانشغال بالقضم للاراضي و الشعوب بغية احتلالها بحثا عن موارد فيما انحسرت الهداية لدين العدالة بسبب تجذر قديم للزعامات القبلية، ومثل هذه الامور سرّعت بظهور المعارضة و توفرت بيئة اسفرت عن الفوز لها حينا و القمع بحقها احايين كثيرة.
امام مسيرة التاريخ لابد من الحذر و عدم التسليم لرأي واحد للحكم على الامور، و مسيرة القوى التي تحكمت بأمور شعوب عدة و نحن منها جعلتنا ضمن التركة التي صِيرَ لتسويتها في معاهدة لوزان، وللاسف لم نكن ضمن الاولويات، فأي هوان ذاك الذي تنظر فيه عيون المصالح القوية؟
بتقريب اكثر، فقد جرى فتق و خياطة الخرائط ورقا و على الواقع و لم يكن مهما جدا ماذا يعني ذلك للضحايا.
نحن من ضمن ضحايا كثر من لوزان، كلفتنا المائة سنة من عمر المعاهدة مآسٍ و مع ذلك نلام على ثوراتنا و انتفاضاتنا ضدها، و يجري تخويننا ان نحن تعاملنا بواقعية للابقاء على شعبنا، و يجري ضرب كل جهد نبذله لاثبات اننا جديرون بالحياة.
جرى تقسيم امتنا و الاقسام جرت عليها ظروف توطين بشروط عقود الاذعان.
الدول و الهيئات الدولية و الزعامات الروحية عبرت كثيرا عن اعتذارات عن اعمال محسوبة عليها حدثت تحت لافتتها، فيما لازلنا نرقب ان يتحلى واحد من الذين فرضوا علينا بقوته و قوة مصالحه ان نكون ملحقا بهذا او ذاك من انظمة ما بعد الحرب، ننتظر ان يتحلى بالشجاعة ليعتذر بالنيابة او الاصالة عن جريمة طالت شعبنا.
في اواخر تموز ١٩٢٣ خسرت الخلافة اراض شاسعة عليها شعوب اعتقدت انها ورثتها كأنها عقار بالتخصيص، ونهضنا و نهض فكرنا و تكلمنا و تحاورنا و قاتلنا لاجل ان لا يعتقد من يعجبه الاعتقاد ان الحكم له و اننا محكمون منه بتكليف إلهي، ولذا فكل طرف من اطراف ذلك اليوم و قبله و بعده ممن تحكموا بنا فلم يصونوا الامانة، على كل اولئك و هؤلاء ان يعتذروا لنا.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني