أربيل – التآخي
صرح وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين بأن العلاقات بين أربيل وبغداد جيدة وهناك حوار ومفاوضات دائمة بين الطرفين، مؤكداً عدم وجود أي خطر على الكيان الدستوري لإقليم كوردستان.
جاء ذلك خلال مشاركة وزير الخارجية العراقي في برنامج “بيستون توك” الذي يعرض على شاشة رووداو، الثلاثاء (11 تموز 2023)، تطرق فيه مع طلبة جامعيين وشباب من كافة مناطق إقليم كوردستان، الى جملة ملفات منها العلاقات بين بغداد واربيل، كيان إقليم كوردستان، قانون النفط والغاز، والوضع الاقتصادي بالبلد.
علاقات أربيل مع بغداد
وصف وزير الخارجية العراقي العلاقات بين أربيل وبغداد بـ (الجيدة)، واعاد ذلك الى استمرار الحوار والمفاوضات بين الطرفين، مضيفاً: “إن قلت أنه لاتوجد مشكلات، فذلك خطأً. لأن هناك مشاكل، لكن مع وجود المشاكل توجد طرق لحلّها”.
واشار حسين الى ان تضمين تخصيصات البيشمركة في الموازنة العامة، كمثال جيد لتحسين علاقات أربيل مع بغداد، وقال: “في موازنة عام 2019، أشير الى البيشمركة كجزء من منظومة العراق الدفاعية لكن لم يتم العمل بالأمر، وفي موازنة العام الحالي اشير الى القوات وتم تخصيص ميزانية لها، لذلك يمكننا القول إن هذه المسالة تم حلها، لكن هناك خلافاً بشأن عدد البيشمركة، لأن الأرقام التي أعلنت عنها وزارة البيشمركة تختلف عن العدد المشار إليه في الموازنة العراقية.
حسين أوضح إنه تم تضمين التخصيصات المالية لقوات البيشمركة في موازنة هذا العام بشكل وذلك يمثل خطوة جيدة في مضمونه، لكن يجب تغيير العدد خلال الأعوام المقبلة من أجل تثبيته بشكل صحيح في الموازنة.
كيان إقليم كوردستان
أكد وزير الخارجية العراقي انه لا يوجد خطر على كيان إقليم كوردستان من قبل بغداد، وهو يرى “إن كان هناك خطر على كيان إقليم كوردستان فهو من داخل الإقليم”، مبيناً أن “الخطر يحدق بوجود اقليم كوردستان عندما يتدهور الوضع التشريعي والاقتصادي والسياسي داخل البلاد ، لذلك لا أرى تهديدا من بغداد، بل العلاقات جيدة”.
وعن الأطراف التي تحاول إضعاف كيان إقليم كوردستان في العراق، أشار حسين “بغداد ليست طرفاً واحداً فقط.. هناك حكومة وأحزاب وشخصيات، صحيح أن هناك أناس في بغداد لا يريدون أن يستمر كيان إقليم كوردستان بهذا الشكل، لكن هؤلاء قلّة ومعظم الأشخاص الآخرين ملتزمون بالدستور وهو ما يعني الالتزام بالكيان الفيدرالي لإقليم كوردستان”.
دائرة العلاقات الخارجية
تنتشر أحاديث على الوسائل الإعلامية بوجود محاولات لرفع دعوى قضائية في المحكمة الاتحادية العليا ضد دائرة العلاقات الخارجية التابعة لحكومة إقليم كوردستان، وفي هذا الخصوص قال وزير الخارجية العراقي: “لم أسمع برفع دعوى من هذا النوع، لكن ليس بعيداً ان توجد محاولات شخصية أو حزبية لذلك”.
وحسب قول حسين “وفقًا للدستور العراقي، يمكن لإقليم كوردستان أن يبني علاقات ثقافية وتجارية مع العالم الخارجي ويمكن أن يكون له ممثلين من اجل ذلك، لكن من المهم أن يكون هناك تنسيق بين وزارة الخارجية العراقية وممثلي إقليم كوردستان. لم يتم التحقيق في هذا الأمر بشكل صحيح وحان الوقت لإعادة هيكلة هذه العلاقات”.
حسين أشار الى أنه “حتى الآن يواجه إقليم كوردستان مشكلات من جانب العلاقات الخارجية والمالية، وفيما إذا كانوا ممثليه دبلوماسيين أم لا. من الجيد ان ننسّق لنتوصل إلى اتفاق في إطار الدستور لمعرفة ما يجب أن يكون عليه منصب ممثل حكومة إقليم كوردستان في الخارج. قبل عام 2003 وتغيير النظام في العراق، كان لإقليم كوردستان ممثلون في الخارج والآن حان الوقت لإعادة تنظيم المسألة بالتنسيق مع بغداد”.
الاقتصاد العراقي والاستثمار الخارجي
وزير الخارجية العراقي تحدث عن ثلاثة شروط يجب توفرها لجذب الاستثمارات الأجنبية للعراق يأتي القانون في مقدمتها، ويقول: “جذب المستثمر الأجنبي يحتاج إلى قانون جديد، وإلى وضع سياسي وأمني (مستقر). القوانين في العراق قديمة، ويعود بعضها إلى العهد الملكين ولا تنسجم مع هذا العصر، ويجب (تغييرها) لتنسجم مع اقتصاد السوق ودعم القطاع الخاص”.
في هذا السياق، أوضح أن “أكثر من 90% من الاقتصاد العراقي يتعمد على النفط. والحكومة تحصل على إيرادات الصناعة النفطية وتديرهان، ولم توكل إلى القطاع الخاص. هذه مشكلة. تتحدث عن سوق مستقرة واقتصاد جديد، لكن الاقتصاد تديره الحكومة.
وأوضح أن “مسألة الاستثمار ترتبط بالقانون. وكلما كانت القوانين ليبرالية أكثر، كلما كان جذب المستثمرين من الخارج أسهل. كما أن الأمن أحد الشروط ايضاً. رأسمال جبان دوماً ويتطلع لوضع مستقر. في حال كان وضع البلد غير مستقر، لما على المستثمر في أوروبا والخليح أن يأتي للاستثمار في العراق؟”.
بحسب فؤاد حسين، لدى العراق “القدرة على أن يكون أحد البلدان الغنية في المنطقة، وأن يجذب الاستثمارات الخارجية. الاقتصاد العراقي الآن يعتمد على النفط ولدى العراق احتياطي يكفي لـ 100 إلى 150 سنة مقبلة، وسيكون في المستقبل بلداً منتجاً للغاز”.
الاستثمار في الغاز العراقي
وزير الخارجية العراقية لفت إلى أن “العراق يحرق الغاز منذ أكثر من 70 سنة في حقول النفطية ويهدره. في هذه الحكومة وقعنا عقداً مع شركة توتال لعزل الغاز المصاحب عن النفط. وإلى جانب ذلك، هناك حقول غازية كبيرة في العراق الذي سيصبح في غضون 3 إلى 4 سنوات أخرى بلداً منتجاً للغاز”.
وأشار إلى العقد المبرم مع شركة توتال إنيرجي بقيمة 27 مليار دولار، لإنتاج الغاز من الحقول الغازية في العراق، كي يتحول من بلد مستورد إلى بلد منتج للغاز.
وتابع: “العراق يعتمد على استيراد الغاز من إيران لإنتاج 43% من الكهرباء. مناطق خانقين وديالى تعتمد على الغاز الإيراني بشكل كامل لإنتاج الكهرباء، كما تعتمد 3 محطات إنتاج كهرباء عراقية هامة أخرى على الغاز الإيراني، وذلك يعني أن 43% من الكهرباء العراقي يستورد من إيران، وفي حال أوقفت تصدير الغاز، تنخفض ساعات التجهيز في العراق نحو 8 – 9 ساعات”.
فؤاد حسين مضى قائلاً: “عندما قررنا أن نعتمد على غازنا وأن نستثمر في هذا القطاع، تقدمت شركة توتال إنيرجي للعمل، وبدأت المفاوضات في عهد حكومة مصطفى الكاظمي، لكن مشاكل شابتها. الآن تم حل تلك المشاكل، وستبدأ شركة العمل في مجال إنتاج الغاز، سواء المصاحب أو من الحقول الغازية”.
قانون النفط والغاز
يشكل إقرار قانون النفط والغاز أحد فقرات الاتفاق السياسي الذي تشكلت بموجبه الحكومة العراقية، ورأى فؤاد حسين بأن تأخره يرجع إلى إقرار قانون الموازنة.
وقال في هذا السياق، إنه “في الاتفاق الذي وقعناه مع القوى السياسية العراقية لتشكيل الحكومة، أدرجنا قوانين لها الأولوية، أحدها قانون الموازنة العامة، والثاني قانون النفط والغاز، ثم مجلس الاتحاد والقوانين الأخرى. انتهينا من قانون الموازنة، ويجب أن ننهمك على قانون النفط والغاز الآن، وسيتبدأ المفاوضات صياغة هذا القانون”.
حصة إقليم كوردستان في الموازنة
فؤاد حسين بيّن أن “ما تم تخصيصه لإقليم كوردستان في الموازنة العراقية، لا يلبي جميع مطالب الكورد، لكنه ليس قليلاً في الوقت نفسه. ولولا الصراع بين القوى السياسية في إقليم كوردستان، لكنا قد حققنا أكثر”.
وأضاف: “البعض يرى أن ألغاماً تستهدف إقليم كوردستان زرعت في قانون الموازنة العراقية، لكنني لا أرى المسألة بهذه الطريقة. الموازنة كاي قضية أخرى تحتمل تحليلات مختلفة”.
انتخابات كركوك
من المقرر أن تجرى انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول من هذا العام، بما في ذلك في كركوك، فؤاد حسين قال بهذا الشأن: “كركوك تواجه انتخابات مهمة. خلال الفترة الماضية، عاشت هذه المحافظة والمحافظات الأخرى في العراق وضعاً غير سليم. شل مجالس المحافظات يعد مشكلة كبيرة للعملية الديمقراطية في العراق، لأن مجالس المحافظات تشرف على المحافظين”.
وأضاف أن “وضع كركوك كان أسوأ مقارنة بالمحافظات الأخرى، لأنه لم يكن لديها محافظ. آمل أن يتشكل مجلس محافظة جديد في هذه الانتخابات التي لا يتعين أن يشارك الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني فيها بقائمة واحدة، لكن من المهم أن يكون لديهما تنسيق” فيما يتعلق بتلك المناطق كي لا يخسرا فيها الأصوات.
الاتفاق مع إيران
حول الاجتماعات العراقية – الإيرانية بشأن القوى الكوردية الإيرانية المعارضة المتواجدة في إقليم كوردستان، قال وزير الخارجية العراقي: “قوة سياسية لاجئة، لا يجوز أن تكون مسلحة، وهذا مبدأ دستوري لا يمكننا عدم الالتزام به”.
ولفت إلى أنه “عندما تعرض منزل الشيخ باز (البرزنجي) للقصف، زرت إيران عدة مرات، وأجريت مباحثات مع قادتها، تمخضت عن وقف القصف لفترة معينة. الآن هناك اتفاق أمني بين العراق وإيران، يأخذ وجهة نظر إقليم كوردستان أيضاً بنظر الاعتبار”.
المادة 140 وتعويض الكورد الفيليين
تنفيذ المادة 140 من الدستور، كان أحد نقاط اتفاق ائتلاف إدارة الدولة لتشكيل الحكومة، حيث أكد فؤاد حسين، أن “هذا الموضوع كان معلّقاً منذ فترة ولم يجر الحديث عنه. الآن تشكلت لجنة في البرلمان باسم لجنة المادة 140، إلى جانب لجنة المادة 140 التي تشكلت في السابق، والتي استأنفت عملها، كما تخصيصات رصدت لهذه المادة”.
حول عودة وتعويض اللاجئين الكورد الفيليين من إيران، قال وزير الخارجية العراقي: “ربما تعرضت معظم المكونات العراقية للظلم، لكن الظلم الذي تعرض له الفيليون كان أكبر بكثير، حيث جُرّب السلاح الكيمياوي عليهم أولاً، وحُجز شبابهم عند تسفيرهم عنوة، وصودرت ممتلكاتهم وأموالهم”.
بحسب فؤاد حسين “تم تعويض بعض من المتضررين الكورد الفيليين، لكن ذلك ليس كافياً، وهناك الآن الآلاف من الفيليين الذين كبر ابناؤهم في إيران ويعيشون فيها كلاجئين ويطلقون عليهم عرب”.
وخلص إلى أن “برنامج الحكومة يتضمن فقرة حول الكورد الفيليين من أجل إعادة حقوقهم. لكن أحد المشاكل هو أن الكورد الفيليين موزعون على أحزاب شيعية وكوردية مختلفة”.