صادق الازرقي
يستهين معظم العراقيين بأصوات منبهات المركبات العالية التي تطلقها قرب آذانهم، فيما تعير الدول المتقدمة للموضوع أهمية قصوى بفعل ارتباط ذلك بالتلوث البيئي وتأثيره المباشر على الصحة الجسمانية والنفسية.
وتتمثل العواقب الصحية السلبية المحتملة نتيجة التعرض للتلوث السمعي (الضوضائي)، بحسب المتخصصين، في ضعف السمع وأمراض القلب والأوعية الدموية واضطرابات النوم ومشكلات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.
ويغدو الامر أكثر خطورة، اذا اضيف إلى المشكلات المتعلقة بالمركبات، الاضرار المتولدة عن عوادم السيارات التي تعد أحدى مسببات الاصابة بسرطان الدم وأورام الغدد اللمفاوية، اذ أنه وبحسب المتخصصين فإن الدخان المتولد من عوادم المركبات، يعمل على تثبيط نخاع العظام، وإعاقة نضوج خلايا الدم، إلى جانب تأثيره على قدرة الدم فى نقل الاوكسجين، ما يؤدى لزيادة الضرر لمرضى القلب، واصابة الرئتين وصعوبة التنفس، كما تسبب الهيدروكربونات المسببة للسرطان، وبخاصة عوادم احتراق الديزل، مشكلات جمة للسكان يجب أن يلتفت الجميع إلى مخاطرها.
أن الحرص على نظافة البيئة والارتقاء بصحة السكان يتطلب إجراءات حاسمة للحد من تلك المخاطر تمهيدا للقضاء عليها بصورة كاملة.
ويأتي في صلب الأولويات، الاهتمام بتخطيط المدن وذلك بتوسيع الشوارع وتشجيرها وزيادة مساحة الحدائق و المتنزهات العامة في داخل المدن، وبخاصة المدن الصناعية؛ وتلجأ كثير من مدن العالم إلى عمل ما يسمى بالحزام الأخضر حول المدن؛ ونعتقد أن الفرصة مواتية لتحقيق ذلك لاسيما مع الحملة التي أطلقتها جهات حكومية بتطوير بعض المتنزهات ومنها متنزه “ابو نواس” وكذلك اعلان عزمها على إنجاز متنزه في مكان معسكر الرشيد السابق، وغيرها من المشاريع.
ومن الأولويات الآنية الملحة، ضرورة التوعية العامة بأخطار الضوضاء وتأثيرها على المدى البعيد وأهمية الفحص الطبي الدوري، لتبين مدى تأثير الضوضاء على السكان والعمال، والحاجة إلى استعمال أدوات الوقاية الشخصية من سدادات وأغطية الأذنين والخوذات التي تغطي الرأس والأذنين معاً.
وبالنسبة للمركبات، تجري مكافحة التلوث البيئي بوساطة تركيب وسائل عزل الضوضاء فيها، وتشجيع إنتاج كواتم صوت المحركات وأجهزة الاحتراق الداخلي، وتستطيع الدولة أن تخلق مضماراً تتنافس فيه مصانع السيارات، لتخفيض مستوى الضوضاء الصادرة عن محركات السيارات بطرق عديدة مثل، تخفيض الجمارك على المواد الأولية المطلوبة وتخفيض الضرائب على المركبات النظيفة.
كما أن من الضروري بمكان الحرص على الامتناع عن استيراد السيارات التي تنتج دخان العوادم لاسيما القديمة منها وكذلك السيارات المتضررة بفعل عوامل طبيعية ويجري تصديرها للعراق لرخص ثمنها؛ فيما يجري حتى الآن التغاضي عن مخاطرها على البيئة والصحة العامة.
ولابد أن نذكر هنا، أن العراق وبسبب غياب سياسة نقل عام فاعلة فإنه تعرض إلى تزايد استيراد المركبات الشخصية من شتى المناشىء، وفي غالب الاحيان يجري الامر من دون فحص، ومن دون التنبه لكثير من مخاطر تلك المركبات التي تركها مالكوها الأصليون وباعوها بسبب المشكلات المتعلقة بها، كأن تكون تعرضت إلى حوادث أو فيضانات وغيرها من المسببات؛ وأنها بالنتيجة لن تمتلك الصفات المطلوبة لقيادتها من دون معضلات، وتزداد المخاطر مع تزايد اعداد السيارات في الشوارع بصورة لافتة وخطيرة ما يؤدي إلى تراكم المشكلات التي تولد الضوضاء البيئية وتزايد دخان العوادم وما يسببه ذلك من أمراض للسكان.