التآخي – وكالات
تمثل عملية حرق الغاز الفائض الذي تنتجه حقول النفط والمعروفة باسم “غاز الشعلة” خطراً على البيئة وصحة الإنسان، فضلا عن كونها هدراً كبيرا للطاقة؛ ويدعو البنك الدولي شركات الطاقة إلى وقف جميع عمليات حرق الغاز بحلول عام 2030.
وغاز الشعلة هو مصطلح يدل على عملية حرق الغاز الذي يخرج من باطن الأرض في أثناء التنقيب عن النفط وإنتاجه. ألسنة النار العملاقة التي غالباً ما تُشاهد تخرج من فوهات عملاقة في المنشآت النفطية هي نتيجة حرق هذا الغاز، كما يجري حرق هذا الغاز على الأرض، أو عند فوهة بئر النفط.
ووفقا لتقرير البنك الدولي عن حرق الغاز، كانت روسيا والعراق وإيران والولايات المتحدة وفنزويلا والجزائر ونيجيريا مسؤولة عن معظم عمليات حرق الغاز في السنوات الـ 10 الماضية. وفي السنوات الأخيرة، زادت كل من المكسيك وليبيا والصين من حرق الغاز أيضاً؛ وتنتج هذه الدول العشر جمعاء، نصف كمية النفط في العالم وهي مسؤولة عن 75 في المئة من عمليات حرق الغاز.
وفي الآونة الأخيرة، بدأت روسيا بحرق ما يقدر قيمته بنحو 10 ملايين دولار من الغاز يومياً في محطة بورتوفايا بالقرب من الحدود مع فنلندا، في وقت تعاني فيه أوروبا من نقص حاد في الغاز الطبيعي.
ويقول الخبراء إن هذه الكمية من الغاز هي ما كانت تصدره روسيا إلى ألمانيا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 الذي أغلقته روسيا في أوائل أيلول ٢٠٢٢.
ويقدر البنك الدولي أن هناك 10 آلاف موقع حول العالم تجري فيه عملية حرق الغاز بشكل مستمر . وكمية الغاز التي أحرقت بهذه الطريقة في العام الماضي كان بإمكانها أن توفر الطاقة لكل منطقة جنوبي الصحراء الأفريقية بحسب تقديرات البنك.
وبحسب المتخصصين، في بعض الأحيان، من الضروري حرق الغاز لأسباب تتعلق بالسلامة. يتجمع النفط تحت الأرض ويشكل احواضاً نفطية ويتراكم الغاز حوله، لذا يجب التخلص من هذا الغاز قبل البدء بعملية التنقيب عن النفط. وقد تحدث انفجارات إذا كانت هناك زيادات مفاجئة في الضغط مع وصول الغاز إلى سطح الأرض. وعملية حرق الغاز ليست إلا وسيلة للحد من مستوى الضغط. وتعرف عملية الحرق هذه بـ ” الحرق من أجل السلامة” أو “الحرق الطارئ”، لكن شركات الطاقة تقوم غالباً بحرق هذا الغاز لتوفير النفقات.
وإذا كانت الشركات تستخرج كميات صغيرة فقط من الغاز أو كانت تقوم بالحفر في منطقة نائية ترى أنه من غير المجدي من الناحية المالية جمع هذا الغاز ونقله وبالتالي يتم حرقه للتخلص منه، وتعرف هذه العملية بـ “الحرق الروتيني”. وبتقديرات البنك الدولي حرقت شركات الطاقة في عام 2021 نحو 144 مليار متر مكعب من الغاز، ما أدى إلى إطلاق ما يعادل أكثر من 400 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
وهذه الكمية تعادل كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعث من السيارات عند قطعها مسافة 9 تريليون ميل. كما ينتج عن حرق الغاز الهباب (السخام).
ويقول الاتحاد الأوروبي لعلوم الأرض إن عملية حرق الغاز مسؤولة عن 40 في المئة من الكربون الأسود الذي تراكم في القطب الشمالي، وهو سبب رئيس لذوبان الغطاء الجليدي في القطب الشمالي.
وتنتج عن عملية حرق الغاز مادة كيميائية تطلق في الهواءهي البنزين، التي يمكن أن تسبب الصداع والرجفان أو اضطراب ضربات القلب للأشخاص الذين يعيشون قرب مواقع حرق الغاز، عدا عن أن البنزين قد يسبب مرض السرطان أيضاً. كما ينتج عن حرق الغاز، النفثالين أيضاً، الذي قد يتسبب في تلف العين والكبد، وهو سبب آخر محتمل للإصابة بالسرطان؛ ويمكن أن يسبب الهباب الأسود الناتج عن حرق الغاز صعوبات في التنفس وأمراضاً في الجهاز التنفسي والقلب والسكتات الدماغية، فيما تشير إحدى الدراسات في الولايات المتحدة إلى احتمال الولادة المبكرة لدى النساء أيضاً.
ويقول البنك الدولي إن هناك خيارات أخرى بديلة عن حرق الغاز يمكن استعمالها، منها انه يمكن للشركات استعمال الغاز في محطات توليد كهرباء متنقلة، لتشغيل مواقع التنقيب عن النفط، أو كوقود في مصانع البتروكيماويات، وثمة خيار آخر يتمثل في إعادة ضخ الغاز في الأرض لزيادة الضغط في مكامن النفط، الأمر الذي من شأنه أن يسمح للشركات باستخراج المزيد من النفط .