التآخي – ناهي العامري
استضاف منتدى الاثنين التنويري التابع لمنظمة حرية المراة، الأستاذ الدكتور كاظم المقدادي لالقاء محاضرة بعنوان (انثربولوجيا الاتصال .. قراءة في الواقع الانساني).
بدأ المقدادي محاضرته بالتطرق الى أهمية الانثروبولوجيا، فهو دراسة عادات واخبار وثقافات المجتمعات، لكي يسهل على الباحثين والدارسين والمستكشفين السيطرة على كل ما يتعلق بتلك المجتمعات، وان اول من بدأ بدراسة علم الانثربولوجيا هم الكتاب الفرنسيون، ومن قبلهم كانت محاولات بدائية، بدءاً من المكتشفون امثال كرستوف كولمبس، حيث تلك المحاولات لم تعتمد على الاستبيان الميداني، فالعمل الانثروبولوجي الحالي أختص بالعمل الميداني، ولا يدون في هذا المجال الا بعد معايشة الدارس وسط المجتمع المراد الاستبيان عن عاداته وتقاليده وظروفه واخباره، اي ان الباحث يملأ حقول استمارة الاستبيان لمجتمع ما، من خلال اتصاله المباشر بالعينات أي الأشخاص المراد الاستماع الى اجوبتهم، حيث اصبح العلم الميداني الجديد هو الذي يعطي نظرة فاحصة وتحليل جديد للمجتمعات.
واضاف المقدادي ، ان هناك تجانس بين علم الاتصال وعلم الانثروبولوجيا، فلا يمكن تحقيق المعايشة الصحيحة بدون وسائل الاتصال، وتبرز اهمية الاتصال، كون نحن على اتصال دائم ومستمر، فالانسان عندما يبتعد عنه الآخرون يبدأ بالإتصال التأملي ، بينه وبين نفسه، ومنذ عهد البشرية الاول ، عندما كان الانسان يسكن الكهوف بدأ الاتصال بواسطة الاشارات، فالاشارات بمثابة الكلمات التي ترسم في الهواء، تعبر عن الشيء المراد ايضاحه، ثم انتقل الاتصال بواسطة الصوت، ثم حدث الإتصال الجمعي بعد ان اكتشفت اللغات ومن ثم الكتابة، ثم حدث اكبر ثورة في عالم الاتصال بعد اختراع المطبعة في العام ( ١٤٥٢) حيث مهدت تلك الثورة الى قيام الثورة الصناعية، ومن ثم بدأت الصحف والكتب والمجلات تنشر على نطاق واسع ، ومن ثم ادى ذلك التطور الى ازدهار الحريات، فظهرت التظاهرات كتعبير عن الرأي والمطالبة بمزيد من الحقوق.
ثم تطرق المقدادي الى الاتصال التفاعلي، الذي ولدته الثورة المعلوماتية واكتشاف الانترنيت، حيث ان التواصل الاجتماعي التفاعلي قائم على مدار الساعة ، وفي كل لحظة، فالفرد على اتصال مباشر مع اشخاص في ابعد نقطة من بقاع الارض، من دون ان يراه، او لديه معرفة سابقة معه، ويضيف المقدادي ، ان الاتصال التفاعلي نافع ومفيد جدا، فيما لو استخدم بشكل ايجابي وصحيح، والاتصال على انواع، ويختلف حسب الاراء ووجهات النظر والامزجة، مثلا شخص جالس في مقهى تطل على الرصيف، ثم الشارع، يمكن ان يشد انتباهه كثرة المشردين الذين يستجدون في الطرقات، غالبيتهم من قوميات عربية، هؤلاء الخليط، البعض يبدوا مهلهل الثياب، تبدو عليه علامات العوز والفقر، وآخرين بملابس حديثة، كانه اتخذ من التشرد مهنة له، ويقوم بالمجادلة لو سأل عن سبب تشرده في الشارع، اما صباغ الاحذية فلا يراقب سوى الاحذية ، بحثا عن زبون لصبغ حذائه، وهكذا تتوالد الافكار ليكون الجميع في حالة تواصل.
عكف المقدادي للمقارنه بين الاعلام والإتصال ، فالاعلام كل من يعمل في وسائل الاعلام وهي الصحف على انواعها، ورقية والكترونية، الاذاعات والفضائيات، اما الاتصال فهو اوسع ويشمل المسرح، وسيارات الاجرة العامة وملاعب كرة القدم وكل من شأنه يحقق اتصال فردي وجماهيري.