ارهاصات بيئية .. معالجة النفايات أساس البيئة النقية

 

 

صادق الأزرقي

كثيرا ما تتصرف الدوائر الخدمية في العاصمة العراقية بغداد لاسيما تلك المسؤولة عن نظافة العاصمة بمنطق الفعل ورد الفعل، في حين ان وظيفتها وقائية وعلاجية في آن واحد، أي منع المشكلة قبل وقوعها ومن ثم علاجها اذا تطلب، وان الاخفاق في عملها تسبب في تصنيف بغداد في قائمة المدن الاوسخ في العالم، ناهيك عن عدها الأسوأ في حلاوة العيش؛ لن نقارن انفسنا بدول العالم المتقدمة، بل بأي من دول الجوار التي تسنى لبعض الناس زيارتها، اذ تجد عمال النظافة في نشاط دائب ليلا ونهاراً لجمع القمامة وعدم ترك الفرصة لها لتتجمع، فهم يزيلونها أولا بأول ويمنعون تراكمها، بعكسنا نحن الذين ننتظر الى ان تتجمع، لترتفع تلالها، فتأتي سيارة متعبة ترفع جزءا منها ويظل الآخر تذروه الرياح، فضلا عما يتناثر من بدن السيارة في الشارع العام.

والأمر الذي لايختلف عليه اثنان، أن الخدمات ظلت تدار بصورة سيئة واكوام النفايات تتراكم، الى ان يلتفت اليها احد بمحض المصادفة، فيتكرم بإزالتها؛ في حين ان آلية التعامل مع النفايات بسيطة جداً وتتضمن ثلاث عمليات، الجمع والنقل والمعالجة، وهي فرصة لتشغيل جزء من الايدي العاملة العاطلة؛ كما تدخل عملية المعالجة وطريقتها ضمن اعمال الحفاظ على البيئة، وان كانت وزارة البيئة لدينا هي أيضا اسماً بلا مسمى.

فماهي ذرائع المسؤولين للتقصير الكبير في مجال الخدمات والحفاظ على البيئة؟

كان امين سابق للعاصمة بغداد قد تحدث عن «زرق ورق” العواصم الأخرى مقارنة ببغداد، غير أن الأحداث التي تلت ذلك بينت انه كثيرا ما كان يشد الرحال مع اول فرصة تتوفر له للسياحة في تلك البلدان او التطبيب فيها، الأمر الذي بات مجالا للتندر من قبل العراقيين.

وكان عضو في  لجنة الخدمات والاعمار النيابية، قد قال في تبريره لرداءة الخدمات في بغداد ان “ارباكاً حصل بشأن منصب امين بغداد انعكس بصورة سلبية على أداء عمل الامانة ككل”،  وهنا يحق لنا التساؤل عن علاقة التغيير بين الموظفين بسوء الخدمات، اذ ان يوم اهمال واحداً يراكم اطناناً من النفايات التي تستوجب المعالجة الفورية، فيما ارجع  فشل الاعمال البلدية ايضاً الى الازمة المالية التي مر بها البلد، فهل يعني ذلك ان نهمل النظافة اذا كانت هناك ازمة مالية؟!؛ لقد مرت دول كبرى تسكنها مئات الملايين من البشر بأزمات مالية كبرى، ولكنها لم تترك مدنها نهباً للقمامة، ثُم ما الذي انجزه المسؤولون عن الخدمات البلدية، عندما كانت الاموال تتدفق بين أيديهم بل تزيد عن الحاجة، فهذا هو مشروع قناة الجيش لم يزل يئن تحت ثقل فساده وسيظل ملازماً بفشله لنا ربما لأعوام أخر اذا بقي اداء المؤسسات البلدية على هذه الشاكلة.

ان تواصل الخدمات البلدية يومياً وعلى مدار الساعة مسألة مصيرية لا تحتمل التأجيل لعلاقتها المباشرة بصحة الناس وجمال المدن، و ليست لها صلة بتغيير المسؤولين او نقص الاموال او التجاذبات السياسية من أي نوع؛ لأنها خدمة عامة تهم جميع السكان، كما أن إزالة النفايات اولا بأول ومعالجتها بالطرق المعروفة المتبعة في دول العالم واهمها عملية تدويرها، تمثل عملية مفصلية لن يستقيم تحقيق بيئة سليمة الا بوساطتها، وغيرها من الإجراءات الضرورية.

قد يعجبك ايضا