خصوصية التجربة الاشتراكية في الصين

 

التآخي –  ناهي العامري

استضاف منتدى بيتنا الثقافي الدكتور سوران قحطان لتقديم محاضرة فكرية بعنوان (خصوصية التجربة الاشتراكية في الصين).

بدأ سوران محاضرته عن بداية التجربة الاشتراكية في الصين، وقال ان الاشتراكية الصينية بدأت بعد نجاح الثورة الصينية في عهد ماو تسي تونغ عام ١٩٤٩، عندما تسلم الحزب الشيوعي مقاليد الحكم في الصين، كانت البلاد فقيرة جدا، ولم يكن لديها أي شركاء تجاريين ولا علاقات دبلوماسية واسعة، كانت الصين تعتمد كليا على الاكتفاء الذاتي، منها اعادة اعمار ما دمرته الحرب خلال ١٢ عام، على سبيل المثال كان هناك انخفاض حاد في الانتاج الزراعي بسبب الحرب خصوصا الرز والصويا، وقد اعتمد النظام الجديد الذي يقوده الحزب على التخطيط المركزي أو على النموذج السوفياتي، كما اعتمد الخطط الخمسية مع التأكيد على تنمية الصناعات الثقيلة، والادارة المركزية للصناعات، والتعبئة الجماهيرية واستخدام مكثف للقوى العاملة، والتركيز على انموذج التنمية الاقتصادية المعتمد على الكفاية الانتاجية والاعتماد على الذات، وحققت الصين في المدة الممتدة بين ١٩٥٢ – ١٩٧٨ معدل نمو سنوي قدر ب ٦، ٪ وقد انتهت هذه المرحلة بوفاة ماو عام ١٩٧٦.

واضاف سوران قائلا: اطلق ماو
في عهده الثورة الثقافية بين الاعوام ١٩٦٦ – ١٩٦٧ – ١٩٦٨ بهدف تطهير البلاد من العناصر غير النقية، واحياء الروح الثورية، وقد أودت تلك الاحداث بحياة مليون ونصف المليون شخص، ودمر جزء كبير من التراث الثقافي للبلاد، بحسب ماو ان الضغط الايديولوجي (الاقطاعي/البرجوازي) يجعل الكوادر تتبقرط وتتحول الى طغاة ان لم تخضع لنقد جماهير الطبقات الكادحة، لقد كانت أهداف ماو المتمثلة في محاربة البيروقراطية، وتشجيع المشاركة الشعبية، والتأكيد على اعتماد الصين على الذات جديرة بالثناء بشكل عام، كما ان التصنيع التي بدأ في عهد ماو وضع بالفعل أساسا للتنمية الاقتصادية الرائعة للصين منذ أواخر القرن العشرين ، ولكن الأساليب التي استخدمها لتحقيق ذلك كانت في كثير من الاحيان عنيفة.

انتقل سوران الى المرحلة ما بعد ماو تسي تونغ وقال عنها: دخلت
الصين ابتداء من عام ١٩٧٨ في عهد دينغ كيساوي بنغ مرحلة الاصلاح الاقتصادي أو التحديث ، اذ بدأت القيادة الصينية تحدد مهامها وفقا لحاجات النمو الاقتصادي بدلا من الايدولوجية، وهذا أثر ايضا في سياستها الخارجية.

هذا يعني انه بعد موت ماو انتصر الجناح المؤمن بأولوية الفكر التنموي الاقتصادي على السياسة والعقائدية والايديولوجية، لذا عادت في تلك المرحلة فكرة التعايش بين الاشتراكية والرأسمالية، التي كانت مرفوضة سابقا.

 

 

 

وفي مجال الزراعة فقد عمدت القيادة الى منح المزارعين حق استغلال اراضيهم الخاصة واراضي أخرى جماعية عبر عقود مرنة قد تمتد لاجل استغلال الأراضي الى ١٥ سنة، مما ساعد في تحسين مستويات معيشتهم والتقليل من ظاهرة شح المواد الغذائية.

دعم الاستثمار ، ومن حق الفلاح التخصص بسلعة واحدة، ومن حق مقاول أو عائلة جمع عدة اراض بغية زراعة الحبوب فيها، (تأجير بالباطن)، لكنها نظريا ملك للعوائل الاولى، لذا شهدت الفترة نمو في الانتاجية الزراعية.

في مجال الصناعة واصل سوران قائلا: فتحت الابواب للاستثمارات الاجنبية ثم تم السماح للاجانب بامتلاك مشاريع مملوكة لهم بالكامل داخل الصين، قبلها كان يفرض عليهم ان يكون لهم شريك صيني، وفي ٢٠٠٤ تم تعديل الدستور ليتضمن فقرة حماية الملكية الخاصة، وهكذا توطدت علاقات الصين دوليا مع المجتمع الدولي، وذلك بعد رسم سياسة اخراج الصين من عزلتها، خصوصا الغذائية والسياسية، ورسم سياسة اقتصادية خارجية متوازنة، جعلت من الصين في مصاف الدول الصناعية الكبرى.

قد يعجبك ايضا