في “عملية خاطفة” .. الأمن يطيح بإحدى أهم شبكات المخدرات في العراق

 

 

 

متابعة ـ التآخي

كشفت قوات الأمن العراقية، يوم الجمعة 5 أيار 2023، في بيان عن ضبط 12 مليون “حبة مخدّرة” في عملية “خاطفة” في بغداد، هي إحدى أكبر العمليات المماثلة في الآونة الأخيرة، وتوقيف 6 أشخاص على صلة بالقضية، في بلد باتت مشكلة المخدرات فيه تشكّل تحدياً كبيراً للسلطات.

وبحسب بيان مصوّر نقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بجهاز الأمن الوطني العراقي، أعلن الجهاز عن “عملية خاطفة” في بغداد، تمكنت مفارزه بوساطتها “الإطاحة بإحدى أهم شبكات المتاجرة بالحبوب المخدرة”.

وأضاف البيان “على إثر ذلك تحركت قوة من الجهاز وألقت القبض على أفراد هذه الشبكة واحداً تلو الآخر، وبالجرم المشهود”.

وانتهت “العملية بالقبض على 6 متهمين وضبط مخزن من الحبوب المخدرة وبداخله أكثر من 12 مليون حبة مخدرة وبما يعادل طنين ونصف الطن في إحدى مناطق شرقي العاصمة”، وفق البيان.

ويظهر الفيديو المرفق بالبيان الحبوب، وهي من نوع “بنزكسول”، الاسم العلمي لعقار طبي يستعمل لعلاج أمراض عصبية لكن قد يساء استخدامه لأغراض غير طبية بحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة نشر في العام 2022، موضبة في داخل علب من الكرتون، في أثناء ضبطها وإلقاء القبض على المتهمين.

وباتت قضية المخدرات تشكل تحدياً خطيراً في العراق اذ تزايدت في السنوات الأخيرة تجارة المخدرات وتعاطيها، بخاصة في مناطق جنوبي البلاد ووسطها، الحدودية مع إيران، التي باتت طريقاً أساسياً لتهريب وتجارة المخدرات، لا سيما مادة الكريستال.

وفي آذار الماضي، أعلن العراق ضبط أكثر من 3 ملايين حبة من الكبتاغون المخدرة على الحدود مع سوريا، هي نوع من الأمفيتامين المحفّز ازداد تهريبها بشكل كبير في السنوات الماضية في الشرق الأوسط.

وفي حزيران 2022، ضبطت القوات الأمنية العراقية طائرة شراعية كانت محملة بمليون حبة كبتاغون قرب الحدود مع الكويت.

وأسقطت القوات الأمنية العراقية الطائرة الشراعية في البصرة في جنوبي البلاد، قرب الحدود مع الكويت، وكانت “آتية من إيران”، كما أفاد مصدر أمني.

وكانت “الطائرة الشراعية المحلية الصنع” تجول في أجواء البصرة قرب الحدود مع الكويت، حينما وردت “معلومات استخبارية” بتواجدها، كما أعلنت وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية العراقية في بيان.

وأضاف البيان أنه تمّ على الفور “تمشيط المنطقة وإطلاق النار مما اضطر قائد الطائرة إلى إنزالها والهرب باتجاه الشريط الحدودي لإحدى دول الجوار”، من دون أن تحدّد الدولة التي توجّه إليها،  وجرى ضبط “حبوب مخدرة تقدر بنحو مليون حبة” كانت في هذه الطائرة الصغيرة، وفق البيان. وفي الصور التي وزعتها السلطات العراقية، ظهرت طائرة شراعية بدائية، يظهر أنّها مصنّعة يدويا. كما نشرت صورا للحبوب المصادرة.  وأشار بيان السلطات إلى أن “النية كانت إدخال” الحبوب المخدرة “إلى داخل الأراضي العراقية”.

في المقابل، قال المصدر الأمني إن “الطائرة الشراعية كانت آتية من إيران ومتوجهة إلى الكويت”. ولم تعلّق السلطات الكويتية من جهتها على المسألة. وقبل ذلك بأشهر، أعلنت السلطات العراقية مصادرة 6 ملايين حبة من الكبتاغون.

وأواخر عام 2021، أعلنت وحدة مكافحة المخدرات في وزارة الداخلية أن محافظتي البصرة وميسان في جنوبي العراق تحتلان الصدارة بين محافظات البلاد على صعيد تجارة المخدرات وتعاطيها.

ويشير المراقبون الى استفحال ظاهرة تجارة المخدرات وتعاطيها في العراق بين فئة الشباب خاصة، وثمة مساع يبذلها البرلمان العراقي بالتعاون مع السلطة التنفيذية للحد من الظاهرة بتشكيل هيئة عليا ترتبط بمجلس الوزراء، وإجراء تعديل على قانون مكافحة المخدرات.

وفي حين تحول العراق من معبر للمخدرات إلى مستهلك في العقدين الأخيرين، بحسب متخصصين، فإن تجارة وتعاطي المخدرات في البلاد وصلت إلى آفاق غير مسبوقة تنهش جسد المجتمع، الأمر الذي دعا البرلمان إلى التحرك للحد من الظاهرة عن طريق تشديد العقوبات.

وتعمل لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي على نحو متواصل مع الحكومة لاستحداث هيئة لمكافحة المخدرات ترتبط برئاسة الوزراء مباشرة، بحسب عضو اللجنة في اللجنة، قال في تصريحات صحفية إن المخدرات والجرائم الإلكترونية أسلحة خطيرة وفتاكة أثرت تأثيرا كبيرا في المجتمع، مشددا على أن لجنته مستمرة في عقد اللقاءات بخصوص تعديل قانون المخدرات والمؤثرات العقلية.

وتنتشر المخدرات وتباع وتوزع في المناطق الفقيرة والمحرومة في بغداد العاصمة والمحافظات الأخرى بخاصة الجنوبية منها، ولا تتواجد إحصائية رسمية منشورة لأعداد المتعاطين للمخدرات في البلاد، ولكن وبحسب مسؤولين أمنيين فإنها تنتشر بين فئة الشباب ومن كلا الجنسين.

وبحسب عضو سابق في مفوضية حقوق الإنسان العراقية ، فإن الأعداد المعلنة رسميا للعام الماضي 2022 تمثلت باعتقال 14 ألف شخص بين متعاط ومتاجر، من بينهم 500 من النساء والأحداث، اذ تقوم عصابات الاتجار باستغلالهم لغرض الترويج والنقل.

ولفت عضو مفوضية حقوق الانسان  إلى أن المخدرات تنتشر أكثر في المناطق الفقيرة والمدن التي تعاني نسب بطالة عالية، حيث تصل نسبة التعاطي بين الشباب في المناطق الأكثر فقرا إلى 70%.

وعزا تفاقم انتشار المخدرات إلى غياب الحلول التي تعالج الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقلة الوعي، وكذلك إلى عدم وجود تقنيات حديثة للكشف عن المخدرات في المناطق الحدودية، وتورط جهات سياسية ومجاميع مسلحة، وغياب مراكز التأهيل في العراق، على حد وصفه.

وعن سبل علاج الظاهرة، يرى أن على الدولة تخفيف العقوبات عن المتعاطين في ظل تفاقم الأزمات مع عدم وجود حلول سريعة، وتوفير مراكز التأهيل والعلاج للمتعاطين، مع وضع برنامج حقيقي لمعالجة الأسباب الاقتصادية والاجتماعية وزيادة الوعي في المدراس والجامعات والمنصات الدينية والثقافية والفنية.

كما حث على تشديد العقوبة على المتاجرين بالمخدرات وتطوير الإمكانات للكشف المبكر وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب مع السعي لتعاون دولي في الملف، والسعي لكشف الشبكات الداخلية والجهات السياسية المستفيدة أو المتعاونة في الترويج للمخدرات.

قد يعجبك ايضا