في مقابلة مع “اندبندنت عربية” تؤكد إليزابيث ستكني المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية باللغة العربية، أن التركيز الأميركي الآن على الدبلوماسية، وأن شعب السودان والمجتمع الدولي يتحدثان بصوت واحد عن ضرورة إنهاء العنف (اندبندنت عربية)
عديد من الأسئلة تثار الآن حول الرؤية الأميركية باتجاه تطور الأوضاع في السودان التي وصلت إلى اشتعال القتال بين الطرفين العسكريين المهيمنين على البلاد، الجيش والدعم السريع، في معارك لم تحدث من قبل في العاصمة الخرطوم، قد تقود إلى حرب أهلية لو لم يتم التحرك سريعاً واحتواء الأمر.
في مقابلة مع “اندبندنت عربية” تؤكد إليزابيث ستكني المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية باللغة العربية، أن التركيز الأميركي الآن على الدبلوماسية، وأن شعب السودان والمجتمع الدولي يتحدثان بصوت واحد عن ضرورة إنهاء العنف.
تقول ستكني إن “الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب السوداني، ويجب على القادة العسكريين السودانيين الدخول في حوار دون تأخير”، وتوضح بأن “المسؤولين الأميركيين على اتصال مباشر مع قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وتدعو الطرفين إلى الالتزام بالقانون الدولي ونبذ العنف والعودة إلى المفاوضات”، يأتي هذا في إطار نظرة واشنطن لطرفي النزاع وهل تتم بتكافؤ أم تعتقد أن للجيش مثلاً أدواراً أكبر؟
دعم إنهاء القتال
منذ انفجار الأزمة قبل أقل من أسبوعين، بدأ الحديث حول المسارات والتوقعات المستقبلية القريبة المدى والبعيدة، وفي هذا الإطار، تقول ستكني، “منذ أكثر من أسبوع، تسبب القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في السودان بمقتل المئات وجرح الآلاف، وقضى مرة أخرى على التطلعات الديمقراطية للشعب السوداني”.
تضيف “لا يستطيع المدنيون المحاصرون في منازلهم الحصول على الأدوية التي هم بأمس الحاجة إليها ويواجهون احتمالية إطالة نقص إمدادات الطاقة والمياه الغذاء. ومن يحاول الفرار من هذا الوضع، يواجه الوحشية والسرقة في الشوارع. وتؤدي كل هذه المعاناة إلى تفاقم الوضع المتردي أصلاً، فقد كان ثلث سكان السودان، أي ما يقرب من 16 مليون شخص، بحاجة إلى المساعدة الإنسانية لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية قبل اندلاع العنف”.
جراء هذا الوضع المتردي، تؤكد واشنطن أنها تواصل جهودها الدبلوماسية المكثفة، التي تمخضت عنها الهدنة الأخيرة، تقول ستكني “عقب مفاوضات مكثفة وافقت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على تنفيذ وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد ابتداء من منتصف ليل 24 أبريل (نيسان)، ويستمر لمدة 72 ساعة”، مضيفة “خلال هذه الفترة، تحث الولايات المتحدة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على الالتزام الفوري والكامل بوقف إطلاق النار”.
لكن ماذا بخصوص دعم إنهاء دائم للقتال، هنا ترى المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية “ستقوم الولايات المتحدة مع الشركاء الإقليميين والدوليين والقوى المدنية في السودان للمساعدة في إنشاء لجنة للإشراف على التفاوض وتنفيذ وقف دائم للقتال، وكذلك العمل على تأمين الاحتياجات الإنسانية في السودان”.
المساعدات الإنسانية
تعمل أميركا على التواصل مع الأطراف السودانية والشركاء “نحو الهدف المشترك المتمثل في العودة إلى حكومة مدنية في السودان”، هذا على الإطار السياسي وفقاً للمتحدثة باسم الخارجية، التي قالت في ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية إن “الولايات المتحدة تحشد لزيادة المساعدة لشعب السودان العالق بين الفصائل المتحاربة. وقد أعلنت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، نشر فريق الاستجابة للمساعدة في حالات الكوارث (DART) في المنطقة لتنسيق الاستجابة الإنسانية للمحتاجين داخل وخارج السودان، حيث سيعمل الفريق من كينيا كمرحلة أولى، وسيقوم بالتنسيق مع المجتمع الدولي وشركائنا الدوليين لتحديد الاحتياجات ذات الأولوية وتقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها”، مشيرة إلى أن “الولايات المتحدة منذ أكثر من ربع قرن هي أكبر مانح للمساعدات الإنسانية للسودان، والتزامنا تجاه الشعب السوداني لا يتزعزع”.
آلية التواصل الدبلوماسي
كانت واشنطن قد أغلقت سفارتها في الخرطوم وسارعت في إجلاء الدبلوماسيين، وهنا سيكون الاستفهام حول انعكاس ذلك على متابعة الوضع السوداني من قبل الحكومة الأميركية، تعلق ستكني قائلة “نود أن نؤكد أن تعليق العمل سفارة الولايات المتحدة في السودان هو تعليق مؤقت، ونحن نعتزم استئناف العمل بمجرد أن يصبح ذلك آمناً، حيث إننا نظل ملتزمين بشدة تجاه الشعب السوداني وتجاه مستقبله”.
وحول الآلية التي سوف تتخذها واشنطن لمتابعة الشأن السوداني في غياب وجود ميداني لها في السودان، تؤكد الناطقة باسم الخارجية الأميركية “كما قلنا، التزامنا تجاه الشعب السوداني ثابت. مع التعليق المؤقت لعمليات سفارتنا، سوف تنخفض جهودنا الدبلوماسية داخل السودان، ولكنها لن تنتهي بأي شكل من الأشكال، فنحن ما زلنا نشارك بنشاط في الحديث مع السودانيين، وسنواصل جهودنا الدبلوماسية المكثفة”.
الفصل السابع والعقوبات
تتحدث تقارير عن أن الوضع الحالي قد ينقل السودان للفصل السابع أممياً، هل أميركا ترى هذا التصور؟ متى ستعتقد واشنطن بضرورة التدخل العسكري الخارجي؟، في هذا الإطار فإن الرؤية الأميركية تقوم الآن بالتركيز على الدبلوماسية تقول ستكني “يتحدث شعب السودان والمجتمع الإقليمي والدولي بصوت واحد عن ضرورة إنهاء العنف”.
يوفر الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الإطار الذي يجوز فيه لمجلس الأمن الإنفاذ، ويسمح للمجلس أن يقرر ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال فيه أو كان ما وقع عملاً من أعمال العدوان، وأن يقدم توصيات أو يلجأ إلى القيام بعمل غير عسكري أو عسكري لحفظ السلم والأمن الدوليين.
من أطلق الرصاصة الأولى في حرب “الشؤم” بالخرطوم؟
ويطرح سؤال متكرر حول سلاح العقوبات الذي طالما استخدم من قبل الدول الغربية، وهل يمكن أن يستخدم من جديد في هذه الأزمة اتجاه مسؤولين سودانيين، بعد أن تحدثت تقارير عن هذا الشيء.
هنا تقول ستكني “لا نريد أن نستبق أي قرار بالعقوبات. لكننا سننظر دائماً في مجموعة الأدوات والإمكانات التي بحوزتنا لمحاولة إجبار كلا الجانبين على وقف هذا العنف”.
مجلس الأمن
تنظر واشنطن إلى مجلس الأمن ودوره في مواصلة مراقبة الوضع في السودان من كثب، والمطالبة بوقف فوري للقتال، وتضيف الناطقة باسم الخارجية حول الأدوار المباشرة المتوقعة لواشنطن من خلال المجلس وطبيعة الأجندة الأميركية في هذا المسار موضحة “كما قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، نحن ندعم الجهود الدبلوماسية الدولية التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية وجامعة الدول العربية وشركاء آخرون من القرن الأفريقي والشرق الأوسط” في مراقبة الأوضاع وضرورة وقف فوري للقتال.
روسيا وأحداث السودان
في ظل الصراع الغربي – الروسي وتداعيات ما بعد الحرب على أوكرانيا، فثمة أحاديث حول الدور الروسي في أفريقيا وفي السودان، وهنا يطرح سؤال حول هل ثمة ما يشير إلى أن روسيا تلعب دوراً في أحداث السودان؟، تجيب ستكني بهذا الخصوص “لدينا قلق عميق في شأن تدخل مجموعة (فاغنر) في السودان، هذه المجموعة موجودة في عديد من البلدان المختلفة في أفريقيا، وهي عنصر موت وخراب أينما حلت، ومن المهم جداً ألا نرى انخراطاً إضافياً لها في السودان، ونحن نعلم أن عدداً من الدول قلقة جداً من هذا الوجود”
العودة للمسار الديمقراطي
لا تزال النيران مشتعلة والحرائق لم تخمد بعد، والسكان يفرون من العاصمة والرعايا الأجانب يغادرون السودان، وسط كل هذا فإن الحديث عن المسار الديمقراطي لا يزال مطروحاً بالنسبة إلى الحكومة الأميركية، فالناطقة باسم الخارجية تقول “يبقى هدفنا المشترك العودة إلى حكومة مدنية في السودان”.
كل ذلك سوف يجعل الباب مفتوحاً على مصراعيه باتجاه ما سيقع في مقبل الأيام، هل سيكون ممكناً وواقعياً العودة للاتفاق الإطاري الأخير، هل ما زال صالحاً أم أن طرفي النزاع لن يجلسا مرة ثانية إلى طاولة التفاوض، بالتالي سيتوجب الانتقال لتصور جديد.
نقلا عن الانديبندنت العربية