التآخي رسالة وقضية وموقف

د. صباح ايليا القس

تتجلى عظمة يوم التاسع والعشرين من نيسان لعام 1967 بوصفة يوم صدور العدد الاول من جريدة التآخي المولود الذي طال انتظاره ليكون الصوت الجديد ورائدا في ميدان العمل الاعلامي الكوردي بصورة عامة والحزب الديمقراطي الكوردستاني بصورة خاصة.

ولكن لماذا (التآخي) تحديداً وما هي المعاني والمقاصد التي اشتمل عليها هذا العنوان إذ لم يطرق هذا العنوان اعتباطا او عفو الخاطر كما يقال بل جاء هذا العنوان ليدلل على الارتباط القومي والديني والوطني بين اطياف الشعب العراقي برمتهم وليس احلى من التآخي والعيش المشترك بمحبة وسلام.

التآخي بعد صدورها اخذت موقعها ضمن اعلام الحركات السياسية والوطنية والجماهيرية بعد أن اسست لهذا الموقع واستعدت له من حيث الكفاءات الاعلامية ودسامة الموضوعات التي تعالجها ضمن الصفحات المتعددة التي اشتملت عليها الجريدة والاهم من كل هذا ان التآخي اصبحت لها شعبيتها واهميتها لانها أخذت منهجا واحدا في التعاطي مع الاحداث والتطورات السياسية والاجتماعية مستمدة هذا المنهج الواضح والصريح من المتبنيات التي اعتمد عليها الحزب الديمقراطي الكوردستاني في مشروعه السياسي ليس بالنظرة الاحادية العنصرية بل عن طريق الانفتاح على الحركات الاخرى والتيارات السياسية الوطنية التي تلتقي جميعها عند نقطة واحدة هي حُب الوطن والدفاع عنه ضد اي اطماع اجنبية شريرة تبغي النيل من الوطن والسعي لحماية الحدود الوطنية والمصالح الاقتصادية ورفع مستوى العيش بما يتناسب وكرامة العراقي اينما كان وكيفما يكون.

لا يمكن ان نغفل ان اي مطبوع جديد لابد أن يأخذ حقه من النقد بين المؤيد والمعارض ولا يمكن ان ننكر وجود الصعوبات اذ ان اصدار جديد لا يمكن ان يكون كاملا متكاملا إلا ان تعتريه بعض العثرات التي يمكن تجاوزها ضمن مبدأ تراكم التجربة وهكذا كان اذ بمرور الوقت أصبحت التآخي مطلب اغلب المثقفين اذ وجدوا فيها مبتغاهم في الطرح الشجاع والمبدئي والثابت على الرغم من وجود الصوت المعارض الذي كانت تروج له بعض الاطراف السياسية لكن الخط الوطني الصادق والمعبر عن طموحات الجماهير جعل التآخي منبرا للاحرار يعبر الكتاب فيه عن طموحات الشعب وقضاياهم وتبني معاناتهم بعيدا عن بعض الافكار والسلوكيات غير المنضبطة.

ولادة التآخي كانت املا لشعب يبحث عن صوت خاص متميز صوت له خصوصيته في الطرح الشجاع البعيد عن التطبيل في زمن كثر فيه النفاق السياسي والانتفاع المادي او التغاضي عن المهم والبحث في الهامش والمعطل الذي لا يتناسب مع حاجة الشعب اليومية بينما تسعى بعض الصحف الى سياسة التنويم ورسم الاحلام والامنيات اذ هي في وادي الخرافات والزيف بينما الشعب يبحث عن الصدق والمعايشة اليومية التي وجدها بين صفحات جريدة التآخي.

كثيرون تاجروا بالشعارات ولاسيما الحرية والديمقراطية تلك التي طالبت التآخي بتحقيقها على أرض الواقع بوصفها من متطلبات العيش المعاصر ولكن الاجواء السياسية لم تكن بالمستوى المطلوب والموازي لتصريحات المسؤولين فهم يقولون ما لا يفعلون والدليل كثرة السجناء والمعتقلين الذين ليس لهم ذنب سوى انهم يحملون افكارا تدعو الى الحرية والديمقراطية.

اذ انهم يتخذونها شعار ويتخلون عنها تطبيقا بينما كانت التآخي تسعى الى تحقيق الحرية والديمقراطية في توجهها السياسي ومقالاتها الوطنية والمصداقية في التعاطي مع الافكار والمبادئ وإلتزام النوعية الفكرية وليس الكمية العشوائية والعبثية.

أسكتت التآخي بصدورها البهي الاصوات الشريرة وافكارها السامة بالتعرضات والاعتراضات وعن طريق التأثيرات الجانبية وكان الرد الهادئ والمرتكز الى المفاضلة العادلة بين ما يحققه الاقليم من نجاحات وتطورات بينما المركز ظل يراوح في مكانه اذا لم يكن قد تراجع عما كان عليه لا سيما في قطاع التعليم والصحة والاعمار اذ ليس في ذلك ما يمكن انكاره في استطلاعات التآخي ما يمكن أن يعطي يقينا الفرق بين هذا وذاك لاسيما بعد انفتاح الاقليم على حركة سياحية واسعة جعلت السياح يعيشون الواقع الحقيقي وما كانت التآخي تروج له من حقائق لا تقبل التشكيك والطعن.

تبنت التآخي سياسة الانفتاح على الصحف الاخرى والتنافس الايجابي وليس في برنامجها خطاب الصراعات لاستقطاب القراء اذ أن خطابها الوطني كان كفيلا بانتشارها وشيوعها بين القراء لاسيما اعتمادها على كتاب وصحفيين لهم شأنهم في الوسط الاعلامي ناهيك عن توجهها نحو الشباب ومتابعة أنشطتهم الفنية والرياضية اذ خصصت التآخي صفحات تتناسب وحاجات القراء.

اما الصفحات السياسية فكانت تعنى بالاخبار ذات المصداقية العالية فضلا عن المطالبة بالحريات العامة واعادة المغتربين والمهجرين واطلاق سراح السجناء السياسيين فضلا عن معالجة حاجات الشعب لاسيما في الصحة والتعليم والاعمار.

رسالة التآخي هي رسالة انسانية وطنية عراقية بنفس كوردستاني أصيل وقضية ضمن منهج الحزب الديمقراطي الكوردستاني بوصفه حزبا وطنيا له تاريخه النضالي الذي لا يمكن اغفاله ضمن الحركات التحررية الوطنية فضلا عن انها موقف ناضج ومتمكن كان وما يزال يلتزم قضايا الشعب برمته يدافع عن الحقوق وينصر المظلومين بغض النظر عن الهوية كيفما كانت..

ستبقى التآخي صوتا نضاليا مثقفا أمينا وكل عام والتآخي بخير…

قد يعجبك ايضا