في الذكرى السادسة والخمسين لصدور جريدة التآخي

مدحي مندلاوي

أيَّ أسم جميل كان يحمله هذا العندليب الكوردستاني ، وهو يغرّد للحياة والجمال والحرية . ويتنقل بين الأيادي والقلوب الضامئة لعطر الكلمة الصادقة في ذلك العالم الحالك الظلام .

كانت ألسنة لهيب الحرائق ترتفع في مدن وقرى كوردستان الجريحة ، وشعبنا يدافع ببسالة ليس فقط من أجل بقائه فحسب ، بل من أجل أن يعيش العراقيون جميعاً بكرامة على أرضهم . لذلك فان قيادة ثورة أيلول رفعت شعار ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكوردستان ) .

وعند صدور بيان ١١ آذار لعام ١٩٧٠ ، أنبرت جريدة التأخي لتدافع عن مفهوم الديمقراطية ، وحلم الشعب العراقي ، ومعه شقيقه الشعب الكوردي للعيش في بلد آمن ، يؤمن الخبز والسلام لأبنائه . ورويداً تحولت هذه الجريدة الى منبر لمؤيدي هذا النهج الوطني المسالم، وكانت الأيادي تتلقفها مع ساعات الصباح الأولى بحيث انها انتشرت كالنار في الهشيم في كل زاوية من مدن العراق ، وبات القراء يقبلون على صفحاتها بنهم ، ولم تكن تكفي طبعات أخرى وبصورة يومية لتلبية حاجات قراءها على مستوى العراق والمنطقة، بل ان السفارات الأجنبية والقنصليات كانت تترجم مواضيعها أول بأول ، لأنها كانت تمثل المرآة الصادقة للحالة السياسية التي كانت تمر بها العراق في ذلك الوقت .

ولم يعجب السلطات الحاكمة هذا النهج الوطني ، والجرأة المتناهية في طرح المواضيع الشائكة ، لذلك بدأت الصحف المملوكة من قبل السلطة الحاكمة مثل الثورة والجمهورية بالهجوم اليومي على الجريدة والقائمين عليها ، والتآخي ترد بشجاعة منقطعة النظير ، وبالحجج العلمية والبراهين القاطعة ، مما خلقت حالة ثورية في جميع مناطق العراق ، وبين مختلف شرائح المجتمع العراقي، بحيث ان السلطات البعثية أحست بخطر هذا الصوت الهادر على وجودها ، فحاولت بمختلف الطرق والذرائع اسكاتها ، والحيلولة دون المضي في هذا النهج الوطني الصادق .

كانت أفتتاحية الجريدة الموسومة بطريق التآخي تمثل وجهة نظر قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني حول مختلف المواضيع الحساسة التي تهم المواطنين ، والوضع في العراق والمنطقة بشكل عام ولم تمضِ الكثير حتى باتت السلطة تبحث عن الذرائع والحجج لاغلاق الجريدة ، بحيث ان وزارة الاعلام العراقي في ذلك الوقت كانت ترسل الخطابات المهددة بالغلق
بصورة يومية وعندما جاءتها الفرصة المؤاتية لم تتوان ليس فقط باغلاق الصحيفة ، بل بإلقاء القبض على القائمين عليها ، وسجنهم ، والتنكيل بهم .

اننا في الوقت الذي نحتفل بذكرى اصدار هذه الصحيفة المناضلة ، نحني هاماتنا لكل الذين ساهموا في اصدار هذا الصرح الثقافي المهم ، ونشد على ايدي القائمين عليها ، ونتمنى ان تدوم رحلة التآخي العظيمة التي تعتبر بحق جزء عزيز من مسيرة شعبنا التحررية .

قد يعجبك ايضا