محمد إحسان : جريمة قصف حلبجة بالاسلحة الكيمياوية تشبه مآساة هيروشيما وعلى الحكومة الاتحادية تعويض اهلها ماديا ومعنويا
أربيل – التآخي
وصف البروفيسور محمد أحسان، الوزير السابق في حكومة اقليم كوردستان، والاستاذ بجامعتي لندن وكوستاريكا، جريمة قصف مدينة حلبجة من قبل النظام السابق بالاسلحة الكيمياوية باعتبارها: “هي من ابشع الجرائم ضد شعبنا الكوردي، ولهذا نحن نطلق على هذه المدينة وصف (حلبجة الشهيدة) حيث تم قتل اكثر من خمسة الاف مواطن اعزل خلال لحظات قليلة وجريمة بهذا الحجم هي الثانية بعد قصف الولايات المتحدة لمدينة هيروشيما اليابانية بالقنبلة الذرية في نهاية الحرب العالمية الثانية”.
وأوضح ان “هناك استخدامات للاسلحة الكيمياوية منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الحرب العراقية الايرانية لكنها لم تكن ضد المدنيين وليس بهذا الحجم وهذه الطريقة البشعة”.
وقال محمد إحسان لشبكة رووداو الاعلامية بمناسبة ذكرى قصف مدينة حلبجة بالاسلحة الكيمياوية ان “نظام صدام كان يعتبراي شخص غير متعاطف معه كعدو، سواء كان عراقيا، عربيا او كورديا او من اي قومية او دين او مذهب، لكن للنظام السابق تاريخ اجرامي مختلف في بشاعته مع الشعب الكوردي، وقصف حلبجة كان لها حسابات ستراتيجية وعسكرية والنظام السابق لم يتحمل الخسارة العسكرية التي كان يشعر بها فقصف المدينة بالاسلحة الكيمياوية وقتل ناس عزل ابرياء لا ذنب ولا حول ولا قوة لهم”. مشيرا الى ان:”مدينة حلبجة من اقدم الاقضية العراقية ومحصورة في منطقة حدودية دخل اليها الجيش الايراني وانسحب وقصفها النظام العراقي بجميع انواع الاسلحة ثم الكيمياوية لينهي كل شيء دون مراعاة للسكان العزل وهذا احدى القرارات الصبيانية الغبية التي كان يرتكبها قادة النظام في الجيش وفي الحزب وفي القيادة العامة، وهي قرارات غير متخصصة او مهنية ذلك ان شخص أمي مثل علي حسن المجيد هو الذي كان يشرف عليها وعلى عمليات الانفال سيئة الصيت، وقادة الجيش هم من دعموه في حينها”.
ونبه البروفيسور محمد إحسان الذي له العديد من البحوث والكتب في موضوع جرائم الابادة الجماعية ضد الكورد خاصة والعراقيين عامة، الى ان “استخدام السلاح الكيمياوي في العراق لم يبدأ بحلبجة، وانا بحثت عمليا واكاديميا عن هذا الموضوع وخلال لقاءات المباشرة مع القيادات البعثية والعسكرية التي كانت مع صدام قالوا بان صدام حسين كان قد قرر ضرب الاكراد بالاسلحة الكيمياوية منذ السبعينيات في حالة عدم نجاحه بالتفاوض مع الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني، واخبر القياادة بانه شكل شعبة خاصة في المخابرات العامة للسلاح الكيمياوي ثم تطورت هذه الشعبة الى فوج ولواء وصارت احد صنوف الجيش العراقي حيث كانت هناك اسلحة كيمياوية لدى غالبية تشكيلات القوات المسلحة وهذا موضوع خطير للغاية وكلنا نعرف ان صدام لم يتردد عن قتل اي شخص او مجموعة تقف في طريقه”.
وحول موقف المجتمع الدولي من قصف النظام لحلبجة بالاسلحة الكيمياوية وقت ذاك، قال: “في حينها الامور كانت مختلفة، الاميركان كانت لهم علاقات جيدة مع نظام صدام حسين وكذلك الفرنسيين والروس والصينيين والبريطانيين كانوا على الحافة، كلهم كانت لهم علاقات مع النظام العراقي السابق، مع العلم ان العراق وايران كانتا تستخدمان الاسلحة الكيمياوية خلال حرب الثمان سنوات، ولم يكن اي احد في العالم ياتي بسيرة او ذكر عن هذه الاسلحة مع معرفتهم بالحقيقة، وفي الكثير من لقاءاتي مع القيادات الكوردية البارزة قالوا اننا كنا نعرض الادلة الدامغة على العالم حول استخدام صدام للاسلحة الكيمياوية ضدنا لكنهم لم يقتنعوا”.
وأوضح البروفيسور محمد إحسان قائلا: “في كل جريمة للابادة الجماعية هناك ثلاث عناصر هي: الجاني والضحية والمتفرج، الجاني كان هو النظام، والضحية هم الشعب الكوردي، والمتفرجين كانوا مجاميع، منهم كورد الذين لك يكن لهم موقف وقسم من العراقيين الذين لم يستنكروا الجريمة لانهم كانوا مغلوبين على امرهم، وكذلك الدول الاقليمية العربية وغير العربية اضافة الى الغرب، لكن عندما غزا صدام حسين الكويت عام 1991، انقلبت الموازين وكشف العالم جرائم النظام السابق ومنها جرائم الابادة الجماعية التي اثبتتها المقابر الجماعية، مثلما يحدث اليوم مع الحرب الروسية الاوكرانية، قسم مع بوتين وقسم ضده وقسم مع الحرب وأخرين ضدها، والقسم الآخر متفرج”. مذكراً بأنه: “عندما قصف نظام صدام حلبجة بالاسلحة الكيمياوية رفض الرئيس الاميركي الاسبق ريغان مشروع فرض الحصار على النظام العراقي، هذا هو نفاق المجتمع الدولي”.
وأشار الى انه “حاليا صارت الكثير من الاجراءات حول قصف حلبجة بالاسلحة الكيمياوية فحكومة اقليم كوردستان قدمت ما تستطيع عليه لدعم حلبجة واعادة اعمارها، لكن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة العراقية باعتبارها الوريث الشرعي للحكومات العراقية التي سبقتها، وقبل اكثر من اسبوع صدر قرار باعتبار حلبجة محافظة غير مرتبطة بالسليمانية، وهذا قرار جيد من الناحيتين الادارية والمالية، لكن على الحكومة العراقية ان تعوض ماديا وضمن آليات قانونية الناس الذين تضرروا جراء هذه الجريمة، وتعويضات معنوية حتى الناس تعرف لماذا يجب ان تُبنى افضل المستشفيات والمدارس والجامعات والطرق والملاعب الرياضية والسكن في حلبجة، هذه النقاط المهمة التي يجب ان تنجزها الحكومة الاتحادية لمواساة الناس حتى تحافظ على اللحمة الوطنية والعراقيين يشعرون بالمآسي التي عاشها الكورد في عهد النظام السابق ونكشف عن جرائمه السوداء”.
وكشف البروفيسور محمد إحسان عن ان “المطالبة بان تكون حلبجة محافظة هي مبادرة اشتغل عليها رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني عندما كان رئيسا للحكومة قبل عشر سنوات، ونحن حولنا حلبجة الى نظام الادارة الذاتية كما فعلنا في رانية وزاخو، لكن تحويلها الى محافظة ذات كيان اداري وميزانية مستقلة عن محافظة السليمانية فهذا من صلاحيات الحكومة الاتحادية وهذا ما كان يجب ان يتحقق منذ زمن طويل”.
وخلص الاكاديمي والوزير السابق في حكومة اقليم كوردستان، محمد إحسان، الى انه:”يجب العمل على تعريف الشعب العراقي بجريمة قصف حلبجة بالاسلحة الكيمياوية وجرائم الانفال التي تتعلق بالابادة الجماعية للكورد. غالبية من العراقيين لا يعرفون ماذا حدث من جرائم على يد النظام السابق ضد شعبنا، وهذا خلل في الاعلام المقوقع، فالاعام الكوردي منغلق على ذاته وكذلك العراقي العربي، وفي النظام التربوي، يجب ان يُدرس هذا في جميع المدارس العراقية لتعريف الاجيال بهذه الجرائم وكذلك بالجرائم التي حدثت في بقية مناطق العراق وما حدث من جرائم بعد عام 2003″.