بقلم المهندس
حسنين الساعدي
أعلنت قبل ايام عن توقيع اتفاقيةالصلح السعودي – الايراني وبرعاية صينية
حيث تفضي الاتفاقية لمنع تدخل ايران بالشؤون السياسية الداخلية للبلدان العربية وخصوصا دول الخليج والعراق.
حسب بنود الاتفاقية فأن على أيران ان تمتنع من تقديم اي دعم مالي ولا عسكري ولا لوجستي بأي شكل من الأشكال لاذرعها العسكرية وفصائلها المسلحة الموجودة في دول المنطقة وهذا ما تم الاتفاق عليه وبضمانة صينية.
وان هذه الفصائل والاذرع الإيرانية او الاحزاب السياسية التابعة لقيادة إيران والناشطة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وحتى في افغانستان اذا ما تمردت على الاتفاق الذي وقعته دولتهم الام الممولة والمسيرة لهم فهنا ستكون هذه الفصائل والاذرع الإيرانية المسلحة تحت رحمة ومواجهة قوة الدول الخليجية والعربية وتحت طائلة القوانين النافذة لتلك الدول بدون ان يكون هناك غطاء سياسي او عسكري او قانوني من قبل إيران كما هو موجود قبل الاتفاقية.
لذلك شاهدنا حزب الله لبنان وعلى لسان زعيمه يصرح ان السعودية قوة عربية واقليمية وهو دليل على تماشي قيادة الحزب مع القرار الإيراني ودخوله هذه الاتفاقية وكأن السيد نصرالله يرسل رسالة ضمنية لقيادته في ايران على السمع والطاعة ورسالة مشفرة أخرى لحكام السعودية ان لا تحاسبوننا على مواقفنا السياسية المتشددة السابقة الكثيرة ضدكم وان كل الخلافات السابقة العميقة ممكن تتصلح بدخول إيران في هذه الاتفاقية مع توقعنا لوصول رئيس وزراء لبناني مدعوم سعوديا يكون مقبول من قبل حزب الله بعكس السنوات السابقة حيث كان اختيار وانتخاب رئيس الوزراء اللبناني من كتلته البرلمانية يواجه معارضة سياسية وعسكرية من قبل حزب الله ان كان في هذا الرئيس نكهة سعودية او دعم سعودي مبطن لترشيحه.
الحوثيون من جهتهم استوعبوا الرسالة الإيرانية جيدا وان الاتفاقية رسالة لهم لوقف الحرب الاهلية اليمنية وترك العداء مع السعوديين فذهبت قيادات الحوثيين لجنيف بعنوان عقد صفقة لتبادل الاسرى فيما المصادر السياسية والاعلامية اليمنية تؤكد الى كون المباحثات هي عملية بحث لتسوية شاملة للنزاع الحوثي السعودي مع علمنا ان الحوثيين والايرانيين لم يعترضوا على كلمة رئيس البرلمان اليمني في مؤتمر البرلمانات العربية ببغداد والتي ادان فيها اعمال الحوثيين العسكرية ووصفهم بالارهابيين.
اما فيما يخص وضع العراق فأعتقد ان المسألة اعقد بكثير فهناك عدد من كبير من الفصائل المسلحة بعضهم تحت مظلة القانون وبعضهم خارج المظلة القانونية وبغض النظر عن موضوع قانونية وجودها فأن جميع هذه الفصائل يجب أن تنفذ الاوامر الايرانية حيث أن بعض قادة الفصائل المسلحة المنضوية تحت اسم تحالف الإطار معارضة للاتفاق الإيراني السعودي وبعضها معارضة لسياسة إيران داخل العراق لذلك فهناك صنف من الفصائل تقبل الاتفاقية والصلح والبعض الآخر متمرد عليه ولو داخليا وبالخفاء لذلك ستكون رئاسة هيأة الحشد الشعبي بحاجة لأجراء مجموعة كبيرة من التغيرات الادارية والقيادية لتعديل هيكليتها الحالية وفق المتغيرات السياسية الجديدة التي تمارسها إيران بالمنطقة فأن لم تفعل رئاسة الحشد الشعبي ذلك فكما اسلفنا فربما ستكون في مواجهة مع حكومة الاطار الحالية ذاتها وارى انها ستطيع كل الاوامر وتقبل المتغيرات السياسية الخارجية بالفعل وبقرار حكومي عراقي سيخرج حينها يحاول قدر الامكان الحفاظ على عدد من القيادات الفاعلة … .
الشهران القادمان او باقصاها الثلاث اشهر القادمة هي الاختبار الحقيقي لألتزام ايران بأشتراطات وبنود الاتفاقية من عدمه ولهذا وجدنا ان السعودية تتصرف براحة واصاب سياستها التفاؤل الحذر حتى الساعة ومعها المجتمع الدولي .
أرى من وجهة نظري ان ايران لا يمكن أن تتنازل عن كل شي وان قامت بتوقيع اتفاقية فيها موافقاتها على اشتراطات سعودية كثيرة وصعبة لذلك لن تتخلى بصورة كاملة عن اذرعها الحزبية واللوجستية والعسكرية بدول المنطقة بشكل نهائي لأن هذه الفصائل والاذرع هي من منحت إيران مساحة متكررة للجلوس على مائدة مع الامريكان كطرفين سياسيين متخاصمين يمتلكان اوراق رابحة ضد بعضهما البعض للي ذراع الاخر وهذا الحال بين ايران والسعوديين والتحالف الخليجي ايضا فكل منهم عبر فصائله المسلحة واوراقه الرابحة يسعون لتنفيذ شروطهم على الآخر.
ايران حاليا وان اعطت توجيهاتها للاحزاب والفصائل المسلحة التابعة لها سياسيا ولوجستيا بالامتثال لشروط الاتفاقية وتهدئة الأمور ونزع فتيل الفعاليات العسكرية والمعارك الأهلية في سوريا ولبنان واليمن الا انها ستخبرهم ان هذا الهدوء والاجراء الحالي تكتيكي ( وقتي ) كونها تنتظر ضربة عسكرية (امريكية – اسرائيلية) لمفاعلاتها واراضيها فأن حدث ما تتوقعه إيران ولم ينفع الاتفاق الإيراني السعودي في ابعاد شبح الحرب والضربات الجوية الأمريكية المتوقعة لايران فساعتها ستخرج تلك الفصائل من مواقعها وثكناتها لتعلن عن عدم
التزامها باشتراطات الاتفاق الايراني السعودي وتصبح اولوياتها هي قصف الأهداف السعودية
فالصلح الحالي يبقى وقتي ترتبط نهايته وحله بأي حدث سياسي او عسكري قادم والطرفين المتصالحين وانه لم ولن يمحوا خصومتهم السياسية الاقتصادية العقائدية الازلية الطويلة بل ايران والسعودية يخفون هذه العيوب لفترة محدودة لأن الدولة التي تخاصم وتحارب دول أخرى سياسيا وعسكريا وعقائديا وتدعم جهات واذرع مسلحة مختلفة لسنوات طويلة في تلك الدول وتدعي الان الجلوس مع خصماء الدهر وموافقتها على اشتراطات تمس هيبتها لا امان لها ولا لعهودها فالعملية برمتها كأنها عملية تجميل أجراها طبيب صيني لامرأة ممكن ان تفشل عملية التجميل فيظهر الشكل السيء القبيح مجددا عند لحظة الانهيار.