سهاد طالباني
ملخص الدراسة
التنمية المستدامة هي شاغل عالمي يتطلب مشاركةجميع أفراد المجتمع. ومع ذلك، غالبًا ما تم التغاضيعن دور المرأة في التنمية المستدامة لا سيما فيبلدان مثل العراق حيث حدت الأدوار التقليديةللجنسين والأعراف المجتمعية من مشاركة المرأة فيصنع القرار والمناصب القيادية. تهدف هذه الدراسةإلى استكشاف الطرق التي يمكن من خلالها تمكينالمرأة في العراق للقيام بدور فعال في التنميةالمستدامة، وكذلك الفوائد التي يمكن جنيها منمشاركتها.
من خلال مراجعة الأدبيات الموجودة والأبحاثالأصلية، ستبحث هذه الدراسة في الوضع الحاليللمرأة في العراق فيما يتعلق بمشاركتها في التنميةالمستدامة، بما في ذلك وصولها إلى التعليموالتوظيف والتمثيل السياسي. بالإضافة إلى ذلك،ستدرس الدراسة الحواجز التي تمنع المرأة منالمشاركة الكاملة في مبادرات التنمية المستدامة، مثلالمواقف الثقافية والمجتمعية، ونقص الوصول إلىالموارد والفرص، والتمثيل المحدود في عمليات صنعالقرار.
وستستكشف الدراسة أيضًا الفوائد المحتملة لزيادةمشاركة المرأة في التنمية المستدامة في العراق، بمافي ذلك التحسينات في النمو الاقتصادي والحفاظعلى البيئة والرفاهية الاجتماعية. علاوة على ذلك،ستقترح الدراسة توصيات حول أفضل السبل لدعموإشراك المرأة في مبادرات التنمية المستدامة ، بمافي ذلك السياسات والبرامج والاستراتيجيات التيمن شأنها تمكين المرأة وتزويدها بالموارد والفرصاللازمة لتصبح عناصر فاعلة للتغيير في التنميةالمستدامة العراق.
من الأهمية بمكان أن تشمل التنمية المستدامة للعراقمشاركة المرأة وتمكينها. ستساهم هذه الدراسة فيفهم أفضل للوضع الحالي للمرأة في التنميةالمستدامة في العراق وستوفر أساسًا للسياسةوالعمل في المستقبل من أجل ضمان تنمية أكثرشمولاً وإنصافًا واستدامة للجميع
تركز التنمية المستدامة على ادارة وحماية المواردالطبيعية من اجل تلبية الحاجات الاساسية للأجيالالحالية والمستقبلية. ويشكل الانسان المحور الرئيسيفيها ، مع اعتماد معايير العدالة والانصافوالمساواة. وان اضفاء صفة المستدامة يعبر عنالهدف نحو جعل هذه العملية تتميز بالديمومةوالاستمرار وفق مبادئ رئيسية منها : الكفاءةوالعدالة والمرونة والمشاركة والادماج .
أدرجت الامم المتحدة اهداف التنمية المستدامة ال17 في خطة التنمية المستدامة 2030 وهي: القضاءعلى الفقر / القضاء التام على الجوع / الصحةالجيدة والرفاه / التعليم الجيد / المساواة بينالجنسين / المياه النظيفة / الطاقة النظيفة / العملاللائق ونمو الاقتصاد / الصناعة والابتكار / الحد مناوجه عدم المساواة / مدن ومجتمعات محلية مستدامة/ الاستهلاك والانتاج المسؤولان / العمل المناخي / الحياة تحت الماء / الحياة في البر / السلام والعدالةوالمؤسسات القوية / عقد الشراكة لتحقيق الأهداف. وتتفرع من هذه الاهداف 169غاية
عمل وطني
وفي ضوء هذه التوجهات، اعتمدت الحكومة العراقية: ” اجندة العراق 2030 التي تتلخص في اعدادالبرامج والسياسات لتحقيق اهداف التنميةالمستدامة، وصاغت إطار العمل الوطني لمؤشراتاجندة التنمية المستدامة، حيث انطلقت الخطةالعراقية من ذات الاهداف السبعة عشر. حيث اكدتاللجنة الوطنية للتنمية المستدامة في تقاريرها على: ” التزام العراق مع المجتمع الدولي بتحقيق اجندةالتنمية المستدامة ومواكبة الجهود العالمية نحوها.” وفق مجموعة من الركائز وهي: التشاركية واختيارالابعاد ذات الصلة والمقارنة البناءة والتشاورية.
وانطلاقاً من ذلك يمكننا تحديد مجموعة منالتحديات المتعلقة بالتنمية المستدامة في العراق وهي: تحدي الفساد / تحدي الارهاب / تحدي عدمالاستقرار / تحدي الاحتجاجات الشعبية / تحديالفقر / تحدي البطالة / تحدي التلوث / تحديالخدمات / تحدي التعليم / تحدي حقوق الانسانوالمرأة والاقليات / تحدي النازحين والهجرة / تحديالاقتصاد الريعي / تحدي المياه النظيفة / تحديالامن والسلاح المنفلت / تحدي الصحة / تحدياعادة الاعمار / تحدي النمو السكاني والسكن /تحدي المخدرات والاتجار بالبشر / تحدي العلاقة بينالحكومة الاتحادية واقليم كردستان / تحديالتدخلات الخارجية.
وقد وضعت اجندة العراق 2030 قضايا المرأةوتمكينها في جوهر موضوعات التنمية المستدامة،حيث نص الهدف الخامس على تمكين المرأةوالمساواة. ولذا نجد جوانب ايجابية مهمة فيتوجهات الحكومة العراقية على هذا الصعيد، سواءمن حيث الاقرار بالمعايير الدولية او الاجراءاتالعملية .
لكننا بعد مرور 7 سنوات على اعتماد اجندة 2030 نجد ان البرامج والخطط لم تجد طريقها للتحقيقاضافة الى افتقارها للتكامل والتنسيق وغياب الارادةالسياسية لتنفيذها. كما ان العراق يشهد تراجعاً فيمقاييس التنمية المستدامة، وان استشراء الفسادوالسمة الريعية للاقتصاد العراقي عمقت منالاختلالات البنيوية. واشارت ممثلة الامم المتحدةالسيدة جنين بلاسخارت الى ذلك أكثر من مرة فيتقاريرها الدورية الى مجلس الامن الدولي.
كما يشير الواقع الى ان العراق ما زال يواجه حواجزوصعوبات امام تحقيق المساواة، ومازالت مشكلةالعنف القائم على النوع الاجتماعي حاضرة. وجسدارهاب داعش بعداً اضافياً في معاناة النساءالعراقيات، مثال: ابادة النساء الايزيديات سنة 2014 .
وجدير بالذكر هنا، الدور الفاعل والمتنامي للمرأةالعراقية في المجالات الاجتماعية والاقتصاديةوالسياسية والثقافية وحضورها اللافت على صعيدالمجتمع المدني
حياة عامة
توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجاتوالتوصيات التي تتلخص في وضع استراتيجيةشاملة للنهوض بالمرأة في الحياة العامة عبر ألياتوطنية، استحداث قانون لحماية النساء من كل انواعواشكال العنف الموجه ضدهن على ان يشمل نصاًخاصاً بالحماية من العنف السياسي بما يتوافق معالمعايير الدولية، تعديل المادة ( 11 ) من قانونالاحزاب النافذ رقم ( 36 ) لسنة 2015 بتحديدنسبة الكوتا لتمثيل النساء في المواقع القياديةللاحزاب لا تقل عن الربع لضمان التمكين السياسيللنساء وبناء قدراتهن القيادية السياسية، تخصيصبنود في ميزانية الدولة خاصة بمعالجة وتطوير وتنميةوضع المرأة العراقية في مجال التمكين الاقتصاديللنساء، تنظيم حملات توعية على النطاق الوطنيبالتعاون مع المجتمع المدني ووسائل الاعلام لتعزيزالمشاركة السياسية للمرأة وابراز القيمة الاقتصاديةوالاجتماعية المضافة لهذه المشاركة، العمل على بناءالقدرات وتمكين المرأة من خلال بناء ثقتها بنفسهاوتشجيع المشاركة السياسية وتطوير المهارات، خلقبيئة تعليمية للفتيات تراعي اعتبارات النوعالاجتماعي، اشراك المنظمات غير الحكومية فيالتخطيط والتنفيذ والرصد والتقييم لاجراءاتالحكومة المتعلقة بحقوق المرأة، اعتماد وسائل ضغطشعبي ومدني لتطبيق القوانين والتشريعات المحليةوالاتفاقيات الدولية المعبرة عن حقوق المرأة ومتابعةمستويات تنفيذها من قبل السلطات التنفيذيةوالقضائية، و الاهتمام بالاتفاقيات والمواثيق الدوليةالمعنية بقضايا وحقوق النساء واعتمادها كمصدرللتشريع.
ان تناول هذه القضية الاجتماعية الهامة والحيويةيتطلب النظرة الموضوعية والمنهجية. وان رصدالاشكالية من جوانبها المختلقة بما في ذلك المعوقاتوالمقومات المتعلقة بها والماثلة امامها تقودنا الىالقول ان هنالك تحديات وفرص. والمعالجة الرصينةلحقوق المرأة تنطلق من كونها قضية مجتمعية تهمالمجتمع بأسره. ورغم كل الصعوبات والتعقيداتتتزايد الامكانات الداعمة لإيجاد معالجات تخدمتطور المجتمع مستفيدين من تجارب الشعوبونضالات المرأة واسهامات المنظمات الدولية والامميةوالتشريعات والمواثيق لتشكل بمجموعها عواملمساندة للجهود الوطنية.
واليوم تزداد القناعة، اكثر من اي وقت مضى ، منان المشاركة الهادفة للمرأة لا تعني فقط زيادة عددالنساء في الحياة العامة، بل وتعني ايضاً السعيالجاد لسن تشريعات لصالح المرأة، وتعني الممارسةالسياسية التي تعالج قضايا تهم المرأة كالعنفالاسري، وازالة العوائق التي تحول دون المشاركةعلى قدم المساواة في الحياة و في صنع القرار .
ان نظرة سريعة لعقدين من الزمن في التجربةالعراقية المعاصرة 2003 -2023 تبين لنا اوجهالنجاح والاخفاق. فقد تحقق الكثير وان غير كافولازال دون مستوى الطموح. وان اجندة التنميةالمستدامة 2030 كانت ولا تزال حافزاً قوياً باتجاهالنجاح.