بغداد -التآخي
توجد في جميع المناطق ذات الأغلبية المسيحية بمحافظة نينوى أربع مدارس سريانية فقط، وتعزف معظم العوائل المسيحية عن تسجيل أبنائها فيها “خوفاً على مستقبلهم”.
أنس صبري، أحد مسيحيي سهل نينوى، سجل ابنته في مدرسة تابعة لقسم الدراسة العربية ويشركها في العطلات الصيفية في دورات تقوية اللغة السريانية.
“في المدارس العربية توجد حصة واحدة للغة السريانية في الاسبوع، وذلك ليس كافياً لكي يتعلم طلابنا اللغة الأم بصورة جيدة، لذا ألحقتها بدورة صيفية”، يقول أنس والذي امتنع عن إرسال ابنته لمدرسة سريانية بحجة الخوف على مستقبلها.
أنس من مسيحيي مركز قضاء الحمدانية (جنوب شرق الموصل)، وهي منطقة تقطنها غالبية مسيحية وتوجد فيها مدرستين تابعتين للدراسة السريانية.
ويرى أنس أن الحكومة قصرت في دعم الدراسة السريانية، لأنه في حال أكمل طالب دراسته باللغة السريانية من الصف الأول الأساسي الى الصف الثاني عشر الاعدادي، لا تتوفر جامعات أو معاهد حكومية تكون الدراسة فيها باللغة السريانية.
توجد أقسام خاصة بالدراسة السريانية في جامعتي بغداد وصلاح الدين فقط.
“عوضاً عن الحكومة، يسعى رجال الدين والكنائس للاهتمام باللغة السريانية من خلال فتح دورات تعليمية، لكن الحكومة تتجاهل السريانية رغم أن المسيحيين، مثل غيرهم من الأقليات يحق لهم الدراسة بتلك اللغة ويجب على الدولة أن توفر لنا تسهيلات في هذا الصدد”، بحسب أنس صبري.
في 8 آب الماضي، في إطار الاستعدادات للعام الدراسي الجديد، تم افتتاح أكبر دورة خاصة بتعلم وتقوية اللغة السريانية في مدينة قرقوش، مركز قضاء الحمدانية بمشاركة 700 طالب وطالبة وبدعم من الكنيسة.
صلاح سركيس، مدير مدرسة مار أفرام السريانية وسط الحمدانية وأحد مدرسي دورة تعليم اللغة السريانية، قال ان “معظم الأهالي يرسلون أطفالهم الى المدارس العربية، لأنهم يعتقدون بأنهم إذا درسوا باللغة السريانية لن يكون لهم مستقبل واضح ويخشون أن لا يتمكنوا من إكمال دراستهم في المعاهد والجامعات”.
الدراسة السريانية في نينوى تابعة لمديرية تربية المحافظة، توجد فقط أربع مدارس سريانية في سهل نينوى، اثنين منها في مركز الحمدانية والبقية في ناحية برطلة (منطقة يقطنها المسيحيون شرقي الموصل). الدراسة في هذه المدارس الأربع وتشمل الابتدائية، المتوسطة والاعدادية، هي باللغة السريانية.
في المقابل توجد حوالي 100 مدرسة تابعة للدراسة العربية وعدة مدارس تابعة للدراسة الكوردية في مناطق سهل نينوى التي تعتبر مناطق مسيحية، وتخلو المدارس العربية من أية حصة خاصة بتعليم اللغة السريانية.
لا شك أن اللغة السريانية تواجه أزمة، عدم توفر مدارس وغياب الاهتمام بالدراسة السريانية وقلة الإلمام بهذه اللغة يعرض اللغة السريانية للخطر”، هذا ما قاله صلاح سركيس، مدرس لغة سريانية، وأضاف، “نسعى عن طريق فتح دورات تعلم وتقوية اللغة السريانية تعليم الجيل الجديد لغتهم الأم والحفاظ عليها”.
واستناداً الى احصائيات السنة الدراسية 2021-2022، يدرس اقل من 700 طالب وطالبة في أربع مدارس سريانية بسهل نينوى من المرحلة الابتدائية وصولاً الى الاعدادية، في المقابل تضم مدارس الدراسة العربية في تلك المناطق أكثر من خمسة آلاف طالب وطالبة.
عصام ميخا، مشرف تربوي للدراسة السريانية في تربية الحمدانية قال “يوجد في قضائنا قرابة 100 معلم ومدرس لغة سريانية، يدرّسون اللغة السريانية في المدارس السريانية والعربية كذلك”.
“عدد التدريسيين في المدارس السريانية قليل، ونحن بحاجة الى زيادة عددهم وقدمنا طلباً لهذا الغرض لكن دون نتيجة”، وأشار عصام الى فتح دورات تعليمية صيفية لتعليم وتطوير اللغة السريانية بهدف تعويض مشاكل الدراسة السريانية.
الدستور العراقي أقر السريانية كلغة رسمية في المناطق التي يشكل فيها المسيحيون غالبية السكان معترفة بها ويحق لهم استخدامها.
وجاء في المادة الثامنة من قانون اللغات الرسمية رقم 7 في العراق لسنة 2014 على أنه يجوز فتح مدارس لجميع المراحل للتدريس باللغة السريانية في المؤسسات التعليمية الحكومية في المؤسسات التعليمية الخاصة وفقاً للضوابط التربوية.
“وجود الدراسة السريانية التابعة لمديرية التربية هو في الظاهر فقط وليس لها دور مهم، لأن الحكومة العراقية أهملت اللغة السريانية لأننا أقلية، الاهتمام الموجود ليس بالشكل اللازم، لذا يعنى معظم أبناء الجيل الجديد من مشاكل في تعلم اللغة السريانية لأن دراستهم كانت باللغة العربية”، حسبما قالت الناشطة الكلدانية فيان جلال مارقوس لـ(كركوك ناو).
وتضيف بأن دورات تعلم اللغة السريانية تتولى فتحها الكنائس من اجل الحفاظ على اللغة السريانية من الاندثار.
الحكومة العراقية السابقة (1979 – 2003) حظرت منذ ثمانيات القرن الماضي حتى سقوط النظام استخدام اللغة السريانية، ما عدا في المراسيم الدينية في بعض كنائس البصرة، بغداد، كركوك ونينوى.
عائد يوسف حنا، من مسيحيي قضاء تلكيف (شمال الموصل)، لكنه مدير مدرسة تابعة للدراسة الكوردية في ناحية ألقوش، قال: بأنه لا توجد مدارس سريانية في قضاء تلكيف وأطرافه، لذا تحاول الكنائس سد ذلك الفراغ عن طريق فتح دورات تعليم اللغة السريانية.
“مشكلة اللغة السريانية الكبرى تتمثل في المعوقات التي تعترض طريق الطلاب الذين يكملون الصف الثاني عشر الاعدادي ويرغبون في إكمال دراستهم في الجامعات والمعاهد، لأنه لا توجد معاهد أو مليات تكون الدراسة فيها باللغة السريانية”، ولفت حنا الى أن المدراس التابعة لقسم الدراسة الكوردية كغيرها من الدراسة العربية لا تتضمن حصص تعليم اللغة السريانية، لكنهم يأملون أن تضيف حكومة اقليم كوردستان حصة اللغة السريانية لمدارسها في المستقبل.
يعيش قسم من مسيحيي العراق في مناطق سهل نينوى وعندما فرض تنظيم داعش سيطرته على المنطقة أواسط عام 2014، وضع المسيحيين أمام ثلاثة خيارات: اعتناق الاسلام، دفع الجزية أو مغادرة مناطقهم دون أي أمتعة، لذا اختار معظمهم النزوح. ولا يزال قسم منهم نازحين في مناطق اقليم كوردستان، فيما هاجرت اعداد كبيرة خارج العراق.
نقلاً عن “كركوك ناو”