بغداد – التآخي
عقب موافقة مجلس الوزراء العراقي على الدراسة التي قدمها البنك المركزي بخفض اسعار الدولار الامريكي أمام الدينار، شهد السوق الموازي تراجعا كبيرا في سعر الصرف ليصل الى 145 الف دينار مقابل 100 دولار، وذلك بعد أن وصل لأكثر من 170 ألف دينار في وقت سابق.
وحدد البنك المركزي سعر 1300 دينار عراقي لشراء الدولار من وزارة المالية، و1310 دنانير لبيعه للمصارف عبر “المنصة الإلكترونية”، و 1320 ديناراً لبيعه للمستفيد النهائي.
خبراء اقتصاد ومال اختلفوا فيما بينهم من حيث نجاعة الإجراءات الحكومية الأخيرة، التي تمثلت في تخفيض سعر صرف الدينار في الموازنة العامة للدولة، فالبعض اعتبرها خطوة في الطريق الصحيح، فيما اعتبرها البعض الآخر هذا الإجراء “خطيرا وتخبطاً” في القرارات.
عجز بالموازنة عبر قرار سياسي خطير لكسب رضا الناس
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، ان “الاجراء الأخير الذي اتخذته الحكومة لتحسين الدينار العراقي امام الدولار هو جزء من استراتيجية لمواجهة التضخم ومن ثم انخفاض أسعار السلع المستوردة، إلا أنه يعتبر إجراء خطير بنفس الوقت لان هناك كلف مباشرة سيتم دفعها مقابل تحسين سعر صرف العملة الوطنية”.
وتابع ان “أحد العوامل التي ستنعكس سلبا هو تخفيض الإيرادات الحكومية المقومة بالدينار العراقي يعني الكلف المباشرة والتي ستكون بحدود 15 ترليون دينار سنويا تضاف الى العجز والذي سيمول بالاقتراض والخارجي فتزداد المديونية “.
واضاف ان “القرار من شانه ايضا ان يؤثر على التجارة الخارجية والصادرات ويخلق مشكلة في تضارب المراكز المالية ويؤثر على الطبيعة الاستثمارية، كما ان الاسعار من الصعوبة أن تنخفض عندما ترتفع”.
ويرى المرسومي أيضاً، ان “هذا الاجراء اتخذ لأسباب ليس اقتصادية وإنما سياسية وهو ينسجم مع أسلوب الدولة الريعي لكسب رضا الناس”.
لعبة انتخابية.. الأرباح في جيوب الفاسدين
من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي احمد الهذال في حديث ان “إقرار سعر الصرف 1300 من قبل مجلس الوزراء، هو نهاية اللعب الانتخابي على حساب السياسة النقدية والاحتياطي”.
واضاف ان “ازمة الاعتمادات والحوالات ستبقى لحين اكمال المنصة وتنظيم سوق الصرف، إلا أن السعر سينخفض من وجهة نظر المواطن فقط”، ولكن من “وجهة نظر اقتصادية فإن الفرق بين السعرين يتراوح بنسبة 10% وربما يستقر عند 145-150، ولا يزال الفرق يذهب لجيوب الفاسدين بسبب الفواتير”.
ويؤكد الهذال، ان “الحكومة لن تتمكن من حل قضية الفواتير، فقد أوهموا المواطن على حساب العجز في الموازنة”، مبينا ان “الوهم المالي في السياسة النقدية، ننتظر الوهم المالي في السياسة المالية عن طريق العجز الانفجاري”.
القرار عراقي.. والتهريب سيتوقف
من جهته كد الخبير الاقتصادي حيدر الموسوي في حديث ان “قرار عودة سعر الصرف وتخفيضه الى 130 الف دينار مقابل 100 دولار هو قرار إدارة البنك بعد استشارة من جهات مالية واقتصادية معنية بالموضوع، كما أن اللجنة المالية النيابية هي من وضعت أسس هذا الموضوع وبالتالي فان القرار سيمضي بموافقة كل القوى السياسية”.
واضاف ان “التشكيك بأن الموازنة ستواجه عجزاً نتيجة ذلك هو كلام غير صحيح، لأن العراق يمتلك موازنة قوية ولديه فائض مالي جيد، كما يمكن لهذه الموازنات من إنشاء المشاريع الاستثمارية والتخلي تدريجيا عن الاعتماد على النفط كإيراد وحيد للموازنة”.
وتابع ان “ما اثير مؤخرا بان السعر 130 الف دينار مقابل 100 دولار ستفيد المهربين ليحصلوا على الدولار بأسعار أرخص هو كلام غير دقيق لأن عمليات التهريب لا تتم بالحقائب كما يتصوره البعض وإنما عن طريق الفواتير التي تهرب لدول عدة، وبالتالي فإن إنشاء المنصة الالكترونية منعت التهريب نهائيا للخارج”، مستدركا ان “احتياجات العراق من الاستيرادات لا تتعدى في كل الأحوال عن 150 مليون دولار يوميا”.
ويؤكد الموسوي ان “القرار اتخذ خلال اجتماع البنك بالخزانة الامريكية في تركيا، كما ان وفدا عراقيا برئاسة وزير الخارجية العراقية قد غادر إلى واشنطن للقاء البنك الفدرالي الأمريكي لبحث موضوع الدولار”.
ولفت الى ان “ما تم تحديده من سعر 130 ألف دينار مقابل 100 دولار هو سعر مقبول حسب الرؤية الاقتصادية، وما حدث سابقا من ارتفاع في السوق الموازي يعود للمضاربين الذين احتكروا السوق”، متوقعا ان “يرتفع قليلا عن السقف المحدد، وبالتالي لن يؤثر على الأسعار العادية “.
وذكر بيان مقتضب للمكتب الاعلامي لمجلس الوزراء ، ان مجلس الوزراء وافق على قرار مجلس ادارة البنك المركزي العراقي بتعديل سعر صرف الدولار مقابل الدينار بما يعادل 1300 دينار للدولار الواحد.
وأعفى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الشهر الماضي، محافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف من منصبه، بناء على طلب منه، وقرر لاحقا تكليف علي محسن العلاق بالقيام بمهامه.
ووصل سعر صرف الدولار امام الدينار العراقي في السوق الموازي إلى أكثر من 170 ألف دينار مقابل 100 دولار في وقت عجزت الحكومة عن إيقاف هذا التدهور في قيمة الدينار، بعد عمليات سحب للدولار من الأسواق بشكل كبير لتهريبها للخارج.