خالدة خليل : سنجار وضعها معقد والجهات المسلحة تعيق عودة أهلها اليها وتعرضها لخطر اقليمي

 

 

أربيل – التآخي / اعداد معد فياض

 

أكدت الكاتبة والباحثة الاكاديمية خالدة خليل، إزيدية، عضو مكتب العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكردستاني، ان “سنجار وضعها معقد جداً وفيها جهات كثيرة مسلحة مما يعيق عودة أهلها اليها ويعرضها لخطر اقليمي”.

 

وحول خلفيات ومسببات قرار مجلس الوزراء العراقي القاضي بتمليك الأراضي السكنية ومنازل في قضاء سنجار لشاغليها من الكورد الإزيديين، قالت لشبكة رووداو الاعلامية  ،  الاحد (8 كانون الثاني 2023)، ان “ضمن سياسات النظام السابق والتي جرت تحديداً بعد اتفاقية الجزائر عام 1975، تم تدمير قرى ومنازل وتجفيف منابع وابار وتجريف بساتين في مناطق عديدة وخاصة المناطق الكوردية،  فقد تم ترحيل الايزيديين من اكثر من 140 قرية تقع في منطقة جبل سنجار وتم تدميرها بالكامل، واجبروا سكانها على العيش في مجمعات سكنية وصل عددها  حوالي 11 مجمعاً تقع في شمال وجنوب جبل سنجار. ومنع اهالي هذه القرى حتى من زراعة أراضيهم التي تقع في تلك القرى”.

 

مستطردة بقولها: “بعد وضع الازيديين في هذه المجمعات القسرية تم توزيع قطع اراض سكنية بدلاً عن دورهم المهدمة الإ أن هذه الأراضي لم تسجل في وثائق التسجيل العقاري مما حرمهم من سندات الملكية والكثير من الحقوق التي تترتب عليها. كما انه سيولد مشكلة ايضاً  اثناء تمليكها لأنها ستحتاج الى ضوابط قانونية، ولذلك ينص قرار مجلس الوزراء على تشكيل لجنة لتحديد ضوابط تمليكها. لأنه يجب التحقق من عائدية الأرض وهل ان الشخص الأول الذي منحت له مازال ساكناً فيها مثلاً والتمليك سيكون وفقاً لمبلغ تقرره اللجنة ووفقا لأحكام المادتين (7و8) من قانون بيع وإيجار أموال الدولة (21 لسنة 2013 ). وتحويل جنس الأراضي لتغيير استخدامها وهذا يقع على عاتق وزارتي المالية والزراعة.

 

وكان مجلس الوزراء العراقي قرر تمليك الأراضي السكنية ومنازل في قضاء سنجار لشاغليها من الكورد الإزيديين. وأبدت السفيرة الأميركية في العراق، ألينا رومانوسكي، في تغريدة على حسابها في تويتر، الجمعة (6 كانون الثاني 2023)، ترحيبها بالبيان المشترك لرئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني وبعثة الأمم المتحدة في العراق، الخاص بـ “قرار مجلس الوزراء حول اعادة منازل واراضي وممتلكات” الإزيديين.

 

وكان بيان مشترك قد صدر من رئيس الوزراء العراقي، السوداني، والأمم المتحدة، الأربعاء (4 كانون الثاني 2023)، حول “قرار تمليك الإزيديين لمنازلهم في سنجار، بعد 47 عاماً من الحرمان”.

 

ورحبت الأمم المتحدة  في البيان بقرار مجلس الوزراء، معربة عن أملها في أن يخفف القرار من معاناة الإزيديين ويشجع عودتهم إلى سنجار. ونوّهت السفيرة الأميركية، إلى أن الولايات المتحدة تفخر بـ “الدور الذي لعبته في تمويل برنامج UNHABITAT  برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، منذ عام 2018، والذي سيساهم بمساعدة الالاف من الازيدين بالعودة الى مناطقهم”.

 

خالدة خليل أشارت الى ان “هذا القرار صدر بعد الاتفاق السياسي الذي جرى بين الأطراف السياسية المشاركة في تشكيل الحكومة الاتحادية الحالية، حيث كان لحكمة الرئيس مسعود بارزاني، زعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني الدور الكبير في حل عقدة تشكيل الحكومة الذي وصل الى مرحلة الانسداد السياسي وتم التوصل الى اتفاق سياسي ننتظر تطبيق بنوده لما لها من أهمية كبيرة بالنسبة لكل الأطراف السياسية بحيث تسهم في استقرار البلد وتقديم خدمة للشعب الذي طال انتظاره للخدمات”.

 

ونبهت عضو مكتب العلاقات الخارجية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني الى ان “اتفاقية سنجار التي تنص على اعادة النازحين لأرض اجدادهم بعد نزوح دام اكثر من ثمان سنوات فان قرار تمليك هذه الاراضي سيكون له الاثر الكبير في استقرار المنطقة واهلها”، مضيفة: “تبقى البنود الاخرى من الاتفاقية مهمة جداً في خروج كل المظاهر المسلحة من سنجار وتسليمها الى الشرطة المحلية وذلك لأن أهل سنجار أحق بإدارة منطقتهم فأهل مكة أدرى بشعابها كما يقال”.

 

ولفتت الاكاديمية خالدة خليل الى “دور منظمة (UNHABITAT) برنامج الامم المتحدة للمستوطنات البشرية، في مساعدة المكونات وما قامت به في احصاء ومتابعة هذا الموضوع المهم ولقائها الأخير مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، يوم (17 كانون الأول 2022)، بالتأكيد على أحقية الإزيديين في أرضهم وضرورة تمليكها لهم”، مشددة على أن “أهمية طريقة تنفيذ القرار وضرورة إصدار تعليمات تكون في صالح هذا المكون الذي تعرض للكثير من الظلم والاضطهاد والتهجير والنزوح والابادات الجماعية على مر العصور الماضية، وقد جاء دورنا الآن جميعاً لمساعدة هذا المكون وإنصافهم من أجل أن يعيشوا بكرامة على أرضهم”.

 

وحول اعداد الازيديين الموجودين حاليا في سنجار، قالت خالدة خليل: “الازيديون من سنجار كلهم نازحون ولم يعد منهم الا نسبة ضئيلة جداً بسبب تعقد الوضع الأمني في سنجار وهم يقطنون في 16 مخيماً في الإقليم”، مشيرة الى انه “ليست لدينا احصاءات دقيقة عن أعداد الازيديين ولا عن غيرهم لأنه لم يكن هناك احصاء سكاني منذ احصاء 1987، وكان  اخر احصاء قد جرى  عام  1997 ولم يشمل اقليم كوردستان حينذاك وبالتالي ليست هناك احصاءات دقيقة لكن يقدر عددهم باكثر من سبع مئة الف ازيدي يسكن غالبيتهم في قضاء سنجار”، مؤكدة ان “الازيديين يشكلون النسبة الأكبر في سنجار قياساً بالمكونات الاخرى، حيث ان سنجار هي ارض التعايش منذ اقدم الازمنة وفيها من كل المكونات والقوميات والاديان الا ان داعش خرق هذا النسيج الاجتماعي المتماسك والذي يحتاج الى وقت وجهد وارادة حقيقية في اعادته”.

 

 

إزيديون نازحون من سنجار في احد المخيمات

 

 

وخلصت الكاتبة والباحثة الاكاديمية الى ان “سنجار وضعها معقد جداً وفيها جهات كثيرة مسلحة مما يعيق عودة أهلها اليها ويعرضها لخطر اقليمي اذا لم يتم تدارك الأمر. لذلك جاءت اتفاقية سنجار حلاً من أجل اعادة النازحين واعمار سنجار وتسليم زمام أمورها بيد أهلها.”

 

وكان ممثلين من سنجار، قد طالبوا بعودة المؤسسات والدوائر الإدارية إلى القضاء، وتخصيص ميزانية للإسراع في إعادة إعمار سنجار.

 

جاء ذلك خلال لقاء جمع رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، مع ممثلين عن مكونات مدينة سنجار، اليوم الأحد (8 كانون الثاني 2023)، حيث “طالب أعضاء الوفد بعودة المؤسسات والدوائر الإدارية إلى المدينة وتخصيص ميزانية لها للإسراع في إعادة اعمارها وتسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم”.

 

من جانبه، أكد رئيس الجمهورية “ضرورة إعادة إعمار المدينة وتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وتعويض المتضررين وتقديم الدعم اللازم بما يعزز أمن واستقرار مناطقها”.

 

عبد اللطيف رشيد، أشار إلى “أهمية ترسيخ قيم التآخي والتآزر بين جميع أبناء المدينة، وضرورة تكاتف الجهود الوطنية لتعزيز الاستقرار والسلم الأهلي والمجتمعي”، مشيداً بـ “التضحيات الكبيرة التي قدّمتها المدينة في مواجهة العصابات الإرهابية”.

 

وشدد رئيس الجمهورية على “وجوب العمل الجاد للارتقاء بواقع المدينة والنهوض بالمستوى المعيشي”، لافتاً إلى “المعاناة التي تواجه النازحين خاصة من أبناء سنجار”.  ورأى “أهمية الإسراع في حسم ملفهم وإعادتهم إلى مناطق سكناهم معززين مكرمين”.

 

في (11 كانون الأول 2022)، أعيدت وجبة أخرى مؤلفة من 159 نازحاً من النازحين العرب إلى قضاء سنجار، في خطوة أثارت الاستياء، خاصة وأن قسماً من النازحين العائدين متهم بالتعاون مع تنظيم داعش عند مهاجمة مسلحي التنظيم القضاء في العام 2014.

 

وبموجب المادة 140 من الدستور العراقي، يعد قضاء سنجار وناحية زمار في محافظة نينوى من المناطق المتنازع عليها التي لم تحسم تبعيتها الإدارية بين الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كوردستان.

 

من جهته، أكد محافظ نينوى، نجم الجبوري، لشبكة رووداو الإعلامية، أن المحافظة بحاجة إلى دعم رئيس الجمهورية، لحل ملفات تقع خارج صلاحياتها مثل سنجار والنازحين.

 

وبحسب بيانات الدائرة، نزح أكثر من 360 ألف كوردي إزيدي من سنجار في عام 2014، يعيش 331 ألفاً و200 منهم داخل وخارج المخيمات في المحافظة.

 

يذكر ان قضاء سنجار، بالكوردية شنگال،Şingal ، يقع على مسافة 80 كيلومترا غرب مدينة الموصل وتابع اداريا لمحافظة نينوى، على جبل سنجار، قريبا من الحدود العراقية السورية، ويسكنه أغلبية من الازيديين وأقلية من المسلمين العرب والسريان المسيحيين، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 84 ألف نسمة بحسب إحصاء عام 2014.

 

ويضم قضاء سنجار بلدات وقرى كثيرة، منها سنوني وتل بنات، وقرية بورك، وقرية كهبل، وقرية دهولا ودوكوري. وتتميز منطقة سنجار بالجبل الذي يحمل اسمها، وعرف “بمواكر الطيور الجارحة”، وتوجد به أماكن مقدسة خاصة بالإزيديين الذين يفتخرون بالجبل وطبيعته الخلابة ومصيفه المعروف بـ”كرسى”.

 

ويوجد بقضاء سنجار معبد “شرميرا” بأعلى نقطة في الجبل المذكور.

 

 

معبد إزيدي في سنجار

 

 

مر على منطقة سنجار مجتمعات وثقافات قديمة، وتشهد آثار إمبراطوريات كالفارسية واليونانية والرومانية على ذلك، وتعرضت لحملات عسكرية كثيرة قتل بسببها الكثير من اهلها، ومنها خلال الفتح الاسلامي على يد أبي موسى الأشعري في سنة عشرين من الهجرة بقيادة عياض بن غنم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وكانت سنجار آنذاك بيد الفرس، وتعرضت في فترات متباينة لحملات عسكرية، ومنها ما عرف بموقعة سنجار عام 1057، حيث قتل عدد كبير من أهلها بعد حصار وتجويع السلاجقة لها، الذي استمر شهورا في عهد العقيليين، وآخرها غزو تنظيم داعش الارهابي في (3 آب 2014) الذي ارتكب المجازر ضد الازيديين وأختطف مسلحوه النساء وأخذوهم سبايا لتوزيعهم على مقاتلي التنظيم، واعتبر هذا الفعل من من قبل المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الامم المتحدة، ابشع الجرائم بحق الانسانية في التاريخ العراقي.

 

وقتل مسلحو تنظيم داعش الارهابي أكثر من  خمسة الاف مدني ازيدي وأخذوا النساء الأزيديات كسبايا، مما أدى إلى نزوح جماعي للسكان الأزيديين، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة. وأدانت الأمم المتحدة الجرائم المرتكبة واعتبرت الانتهاكات التي يرتكبها تنظيم داعش الارهابي في العراق تصل إلى درجة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وتتضمن الإبادة الجماعية ونزح السكان إلى جبل سنجار خوفاً من المجازر والتعذيب والقتل، وبعد هجوم التحالف الدولي وشنه لضربات جوية، وتقدمت قوات البيشمركة الكوردية مما أدى إلى فتح الحصار عن جبل سنجار وتحرير العوائل المنكوبة نهاية عام 2014.

 

قد يعجبك ايضا