اقتصاديون انتقدوه واعتبروه “هشاً ومهملاً”.. ماذا تعرف عن نظام التأمين في العراق؟

 

متابعة التآخي

يواجه قطاع التأمين في العراق تحديات كثيرة تعيق أخذ دوره الحقيقي في مجال التأمين على الحياة وتعويض الخسائر التي قد تلحق بالمؤتمنين جراء الحوادث، فيما يؤكد مختصون على ضرورة توفير بيئة قانونية جديدة لهذا النظام، تحقق الفائدة للمواطنين كما في بلدان العالم الأخرى.

وتعمل شركات التأمين على الحياة والممتلكات في أغلب دول العالم سواء كانت شركات حكومية أم أهلية، على توفير المتطلبات الضرورية لتعويض المشتركين معها من المواطنين أو المؤسسات في حال تعرضهم لحوادث أو الكوارث الطبيعية.

إلا أن الحال في العراق يختلف تماماً حيث أن شركات التأمين -وهي حكومية- حيث أنها تفرض الاشتراك معه فرضاً فحين يقدم المواطن على استلاف قرض من المصارف لشراء سيارة أو منزل أو غير ذلك، يجد وثيقة التأمين ملزمة وليس لديه خيار رفضها، ويستقطع مبلغ التأمين من قيمة القرض، وبالإضافة إلى ذلك فإن شروط التأمين تبدو غريبة، منها على سبيل المثال في حال شراء سيارة عبر قرض مصرفي مصحوبا بوثيقة التأمين يفاجأ المقترض بأن شركة التأمين لا تدفع له تعويضاً في حال تعرضت سيارته لتفجير إرهابي، بالرغم من العمليات الإرهابية كانت حتى سنوات قريبة هي أكثر الحوادث انتشاراً وتكراراً في العراق.

معوقات كثيرة

يرى مختصون أن التأمين الصحي في العراق يواجه معوقات كثيرة، تنبع من طبيعة المجتمع المحلي الذي يفتقر إلى الوعي التأميني الصحيح، فضلا عن عدم أخذ شركات التأمين دورها الحقيقي، ما جعله “قطاعاً هشاً وغير مهيأ للعمل”.

وفي هذا السياق يقول المحلل الاقتصادي، أحمد عبدربه، لوكالة شفق نيوز، إن “قطاع التأمين ضعيف، وشركات التأمين لم تأخذ دورها الحقيقي، وحتى تأمين الأقساط للسيارات وغيرها هو تأمين شكلي، على خلاف دول العالم التي يصل فيها التأمين إلى نسبة 100% من حجم الأضرار، فضلا عن عدم وجود بيئة قانونية ساندة له في البلاد”.

 

ويؤكد عبد ربه، أن “التأمين، من الأنظمة المنتجة، إذ تخلق فرص عمل وتحقق إيرادات، أما في العراق فهو مهمل، لذلك يجب توفير بيئة قانونية جديدة له تهيئه للعمل كما في دول العالم”.

باب للفساد

من جهته يقول الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إن “التأمين، نظام إيجابي للمواطنين، سواء أكان التأمين صحياً أو عن أضرار الممتلكات والمنازل من الحرائق وغيرها، والتأمين على السيارات هو حماية للأفراد من الخسائر المادية في حالة وقوع حادث يتسبب بضرر على السيارة، وتعويض مالكها في حالة إصابة أحد الراكبين في حوادث الطرق والكوارث الطبيعية”.

ويوضح عيد أن “جميع السيارات في داخل العراق مشمولة بالتأمين، وفق أحكام المادة 11 من قانون التأمين المرقم 52 لسنة 1980، لكن هذا القانون مُعطل من ناحية التطبيق، ووجوده على الورق لاستفادة الشركات، بغض النظر عن حجم الأموال المستحصلة والأقساط المفروضة من قبلها على المواطنين.

ويضيف، “ويعد هذا الإلزام اليوم بمثابة باب جديد من أبواب الفساد، لعدم دفع شركات التأمين أموالاً وتعويضات الأضرار الناجمة عن الحوادث”.

وكانت شركة التأمين الوطنية العراقية أعلنت في أيلول الماضي، أن قيمة التعويضات المدفوعة للفترة من كانون الثانير 2022 ولغاية 30 حزيران و من العام نفس، بلغت 4 مليارات و 899 مليون دينار، عن 495 إضبارة شملت حوادث الدهس وفقا لقانون التأمين الإلزامي رقم 52 لسنة 1980.

يشار إلى أن الشركة سبق وأن أعلنت العام الماضي، أن قيمة التعويضات بلغت مليارين و 489 مليون دينار عن 325 إضبارة، فيما بلغت التعويضات في عام 2020 أكثر من 4 مليارات دينار.

آلية عمل شركة التأمين

توضح مديرة إعلام مصرف الرشيد الحكومي، آمال الشويلي، أن “المصرف لديه تعاقد مع شركة تأمين، فهناك سلفاً وقروضاً ومشاريع استثمارية، وهذه يفترض التأمين عليها من خلال عقد يبرم بين المصرف وشركة التأمين، لتغطية المخاطر التي تنتج جراء المنح بالنسبة للمواطن”.

وتضيف الشويلي لوكالة شفق نيوز “على سبيل المثال قروض السيارات، فهذه يُؤمّن فيها المواطن على حياته، وتكون وفق عمر تحدده شركة التأمين، وفي حال وفاة المواطن فإن الشركة ستسدد المتبقي من مبلغ القرض إلى المصرف بالنيابة عن المواطن المتوفى، ما يعود بالفائدة إلى المصرف والمواطن”.

وتتابع “في السابق كان المصرف يُلزم ذوي المقترض المتوفى بدفع أقساط القرض المتبقية بذمته، ولكن في حالة التأمين، ستكون مسؤولية التسديد هذه على الشركة فقط، ومقابل تلك الآلية يدفع المُقترض مبلغاً حين المنح لشركة التأمين، وتحدد نسبة المبلغ بحسب المخاطر والقرض الممنوح”.

الضمان الصحي

وأعلنت وزارة الصحة ، في 24 نيسان 2022، تعثّر تطبيق قانون الضمان الصحي بسبب عدم وجود تخصيصات مالية، فيما أكدت أن خطة تنفيذ القانون تنص على أن يتم تطبيقه بداية في ثلاث محافظات.

وكان من المفترض أن يُطبّق القانون في آب الماضي، بحسب ما قررته الوزارة، إلا أن عدم إقرار الموازنة المالية الاتحادية للعام 2022، حال دون توفير التخصيصات المالية للخطة.

وكان من المقرر أن ينفذ قانون التأمين الصحي على ثلاث مراحل، تتضمن المرحلة الأولى تسجيل المواطنين الموظفين بصورة إلزامية لشمولهم بالضمان الصحي، وبعدها يكون تسجيل المواطنين كافة بصورة اختيارية، ثم بمرور عدة أشهر عندما يبدأ تنفيذ القانون يتم تسجيل كل المواطنين في المرحلة الثالثة.

وأقر مجلس النواب العراقي عام 2020 قانون التأمين الصحي، لتقديم الخدمات الصحية للمواطنين، ويهدف القانون المذكور، إلى تأمين التغطية الصحية الشاملة للشخص المضمون وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي، وتقليل الأعباء المالية على المواطن، والحد من الفقر.

قد يعجبك ايضا