متابعة -التآخي
اعتمدت كرواتيا العملة الأوروبية الموحدة اليورو مع بداية سنة 2023 وانضمت إلى منطقة شينغن، اذ قامت بإلغاء الإجراءات الحدودية أمام حاملي جوازات السفر الأوروبية، ما سيمكن 400 مليون شخص من دخولها بلا تأشيرات، ويرى خبراء أن هذه الخطوة ستكون داعمة لاقتصاد البلاد في وقت يسجل التضخم ارتفاعا في جميع أنحاء العالم.
وبحسب الخبراء فإن هذين الاجرائين هما محطتان رئيستان لهذه الدولة منذ انضمامها للاتحاد الأوروبي قبل نحو عقد من الزمن؛ و وبذلك فإن كرواتيا الواقعة في منطقة البلقان أصبحت الدولة العشرين في منطقة اليورو، كما انضمت البلاد إلى منطقة شينغن التي تتيح لأكثر من 400 مليون شخص التنقل بلا تأشيرات بين دولها التي ارتفع عددها بدخول كرواتيا إلى 27 دولة.
ويشهد العالم ارتفاعا في التضخم على وقع الحرب في اوكرانيا التي تسببت بازدياد أسعار السلع الغذائية والوقود، لذلك يرى الخبراء أن اعتماد اليورو يسهم في دعم اقتصاد كرواتيا؛ غير أن مشاعر الكرواتيين متضاربة، فمع ترحيبهم بإلغاء الضوابط الحدودية يخشى البعض من الانتقال لعملة اليورو، إذ تقول المعارضة اليمينية إن ذلك يصب فقط في صالح دول كبرى مثل ألمانيا وفرنسا، فيما دافع المسؤولون عن قراري الانضمام لمنطقتي اليورو وشنغن، وقال رئيس الوزراء الكرواتي أندري بلينكوفيتش يوم الأربعاء ٤ كانون الثاني ٢٠٢٣ إن القرارين “هدفان استراتيجيان في سياق انضمام أكثر عمقا في الاتحاد الأوروبي”.
وانضمت كرواتيا، الجمهورية اليوغوسلافية السابقة البالغ عدد سكانها 3,9 ملايين نسمة التي خاضت حرب استقلال في التسعينات، للاتحاد الأوروبي في 2013. واليورو مستعمل حاليا بشكل واسع في كرواتيا، وقرابة 80 بالمئة من الإيداعات المصرفية يغلب عليها اليورو، فيما ينتمي الشركاء التجاريون الرئيسيون لزغرب لمنطقة اليورو، وكثيرا ما خمن الكرواتيون ممتلكاتهم الأكثر قيمة مثل السيارات والشقق السكنية بعملة اليورو، ما يعكس انعدام ثقة بالعملة المحلية.
وتقول آنا سابيتش من البنك الوطني الكرواتي (البنك المركزي) إن “اليورو يؤمن بالتأكيد استقرارا وأمنا اقتصاديين”، فضلا عن أن الخبراء يرون أن اعتماد اليورو يخفض شروط الاستدانة وسط الصعوبات الاقتصادية. وبلغ معدل التضخم في كرواتيا 13,5 بالمئة في كانون الثاني ٢٠٢٣ مقارنة ب ١٠٪ في منطقة اليورو؛ ويقول محللون إن دولا في شرق الاتحاد الأوروبي خارج منطقة اليورو، مثل بولندا أو المجر، كانت أكثر عرضة لمخاطر تزايد التضخم.
وانضمام كرواتيا إلى منطقة شينغن التي تتيح السفر إلى بلدان الاتحاد من دون الحاجة إلى تأشيرة، سيوفر الدعم لقطاع السياحة الرئيس في الدولة، الذي يمثل 20 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. كما ستصبح مشكلة الانتظار الطويل الذي كان يتوزع على 73 معبرا حدوديا بريا مع العضوين في الاتحاد، سلوفينيا والمجر، شيئا من الماضي لكن الإجراءات الحدودية في المطارات ستتواصل حتى 26 آذار ٢٠٢٣ بسبب مسائل فنية؛ وستواصل كرواتيا تطبيق إجراءات حدودية صارمة على حدودها الشرقية مع جيرانها من خارج الاتحاد الأوروبي، البوسنة ومونتينغرو وصربيا.
وما تزال مكافحة الهجرة غير الشرعية تمثل التحدي الرئيس في مراقبة أطول حدود برية خارجية للاتحاد الأوروبي والبالغة 1350 كيلومترا.
وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن في وقت سابق موافقته على انضمام كرواتيا إلى منطقة شينغن ابتداء من كانون الثاني 2023 في حين رفض طلبي بلغاريا ورومانيا. وبهذا القرار أصبحت كرواتيا العضو الـ27 في هذه المنطقة الشاسعة التي يمكن لأكثر من 400 مليون شخص التنقل فيها بحرية من دون قيود داخلية عند الحدود.
ووافقت دول الاتحاد الأوروبي على انضمام كرواتيا إلى منطقة شينغن لحرية التنقل في المقابل أعلنت رفضها انضمام كل من رومانيا وبلغاريا.
وكتبت الرئاسة التشيكية لمجلس الاتحاد الأوروبي على تويتر “تبنى المجلس قراره. تأكد رسميا أن كرواتيا تنضم إلى منطقة شينغن ابتداء من الأول من كانون الثاني 2023″، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي منذ عام ٢٠١٣، وقال وزير الداخلية الكرواتي دافور بوزينوفيتش عبر تويتر إن “إدماج كرواتيا في شينغن سيفيد الجميع، المواطنين والاقتصاد وكرواتيا والاتحاد الأوروبي”.
من ناحية أخرى، ما زال يتعين على رومانيا وبلغاريا الانتظار، فقد اعترضت النمسا على ترشيحهما، فيما اعترضت هولندا على بلغاريا، ما أشاع شعورا “ببعض المرارة في القاعة”، وفق ما قال مصدر دبلوماسي؛ وأعلن وزير الداخلية النمساوي غيرهارد كارنر لدى وصوله للقاء نظرائه الأوروبيين في بروكسل “سأصوت اليوم ضد توسيع شينغن لتشمل رومانيا وبلغاريا”. وتخشى النمسا التي تواجه زيادة كبيرة في طلبات اللجوء من أن تؤدي إزالة الضوابط الحدودية مع هذين البلدين إلى وصول أعداد أكبر من المهاجرين. وقال الوزير “سجلنا هذا العام أكثر من 100 ألف عملية عبور غير قانونية للحدود في النمسا”.
وانتقد الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس “موقف النمسا المؤسف وغير المبرر (والذي) يهدد الوحدة والتماسك بين الأوروبيين”. وقال وزير الداخلية البلغاري إيفان ديميرغيف عن موقف هولندا “لا يوجد شيء بناء… ولا توجد حجج ملموسة”؛ وأوضح وزير الهجرة الهولندي إريك فان دير بورغ أن بلاده لديها مخاوف بشأن “الفساد وحقوق الإنسان” في هذه الدولة البلقانية، وطلب من المفوضية تقديم تقرير بشأن المسألتين.
وارتبط ملف رومانيا التي تضم 19 مليون نسمة إجرائيا بملف بلغاريا التي تعد 6,5 ملايين نسمة، ورفض أحدهما يعني رفض الآخر تلقائيا. وقد انضمت الدولتان الشيوعيتان السابقتان إلى الاتحاد الأوروبي عام 2007 وتسعيان للدخول في شينغن منذ أكثر من عشر سنوات.
من جهتها، قالت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا إنها تشعر “بخيبة أمل كبيرة” من رفض ملفي صوفيا وبوخارست.
وعبرت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون عن الشعور نفسه وقالت إنها واثقة من انضمام الدولتين “قبل نهاية ولاية” المفوضية العام 2024. ولطالما دعت المفوضية والبرلمان الأوروبي إلى دمج الدول الثلاث في شينغن التي تضم معظم دول الاتحاد الأوروبي فضلا عن إيسلندا، وليشتنشتاين والنرويج وسويسرا.
ومن شأن عضوية كرواتيا أن تقضي على الطوابير الطويلة للمركبات عند الحدود وأن تشجع السياحة. في المقابل، يجب على دول شينغن فرض سيطرة صارمة عند الحدود الخارجية للمنطقة والتزام التعاون بين قوات الشرطة لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، بحسب المحللين.