ماجد زيدان
من سنوات تتكرر الدعوات والمباحثات وتوضع الخطط بين العراق والاردن لمد انبوب للنفط لنقل الخام العراقي الا انه سرعان ما تجمد وتبقى تراوح مكانها ، هذه الايام بعد التهديدات الايرانية والتركية باجتياح الاراضي العراقية بذريعة مطاردة المعارضين لكلا النظامين المتواجدين على الاراضي العراقية , على الرغم من جدية الحكومة الوطنية واستجابتها لما يفرض عليها وتأكيدها على ان القوانين العراقية لا تسمح باي نشاط معادي للحكومتين الجارتين ينطلق من الاراضي العراقية , وتدعو الى الحلول السلمية , ويغفلان ان المشكلة في جوهرها داخل بلديهما .
الوضع المضطرب واحتمال الاعمال العدائية العسكرية ضد بلادنا قد تهدد انابيب النفط وتعيق تشغيلها ,لاسيما ان الاراضي والمياه التي تمر بها الانابيب قد تكون مسرحا
لهذه العمليات العسكرية .
ان رهن مرور صادرات النفط العراقي بطرق محدودة امر في غاية الخطورة ليس على الاقتصاد الوطني , وانما على امدادات النفط الى الاسواق الدولية , فتقتضي الضرورة المباشرة والاسراع في تنفيذ البدائل المعروفة , لاسيما ان العراق بصدد زيادة انتاجه من النفط وهذا يتطلب منافذ تصدير جديدة والحفاظ على القرار الوطني المستقل وعدم الخضوع لأي ابتزاز مهما كان شكله ونوعه .
هناك امكانية لإعادة بناء خطوط الانابيب مع الاردن و سوريا والسعودية التي لنا خط جاهز استولت عليه ابان غزوة الكويت , والان حان البحث في اعادته الى بلادنا , وقد قطع خط انبوب البصرة — العقبة شوطا كبيرا من البحث والاتفاق في انتظار وضع اللمسات الاخيرة للمباشرة به , ولكنه بحاجة الى قرار سياسي بتنفيذ البرنامج الحكومي الوطني وانهاء الضغوط السياسية الممارسة لتأخيره والتي لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية .
في مقالات سابقة للكثيرين ، ذكر عن حق , ان هذا الانبوب في غاية الاهمية لتنويع منافذ التصدير للنفط الخام، ويخلص البلد من الارتهان ببعض المنافذ، لا سيما اذا جرى ربطه مع الخط الاستراتيجي , فيكون ليس لنفط البصرة وانما لنفط كركوك .
باختصار عدا كونه مشروعاً اقتصادياً مهماً، فانه حيوي للتنفيس عن الضغوط السياسية ساعة الاحتدام في منطقة غير مستقرة وكل شيء فيها جائز الى ان تتغير القناعات والسياسات وتتجه نحو التنمية والمنافع المشتركة بدلاً من الحال الراهن , بل انه يعزز من القرار السياسي المستقل .
الانبوب طوله 1700 كم من البصرة الى ميناء العقبة، والمبلغ المطلوب لإنجازه ليس بالكبير وفي مقدور الاقتصادين تحمله من دون ان يسبب لهما ازمة واسترجاع كلفته بوقت قصير من العائدات والوفورات عن النقل بالسيارات الحوضية لما يحتاجه الاردن .
ان المخطط للتصدير عبر هذا الانبوب مليون برميل يومياً، وهي كمية ذات جدوى اقتصادي كبير، الى جانب آخر هناك دعوة من الاشقاء الاردنيين لانشاء انبوب للغاز ايضاً، لسد حاجتهم وللتصدير.
ان المشروع سيخلق فرص عمل لامتصاص جزء من البطالة، ويسهم في تنمية بعض المناطق التي يمر بها الانبوب. وان افضل وسيلة لتحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة هي تشابك المصالح الاقتصادية وزيادتها..
من هذا وغيره مثل هذه المشاريع في غاية الاهمية ليس للعراق فحسب ، وانما لكل بلدان المنطقة، ولا معنى للذرائع التي تعرقل انشاؤه ,فتارة يقال ان الحكومة ستمنح الاردن النفط مجانا او بسعر 10 دولارات للبرميل ومن هذه الافتراءات والاقاويل غير الدقيقة نسمع الكثير لا لشيء سوى تنفيذ سياسات ترسم خارج الحدود ولإبقاء العراق متخلفا بحبس ثروته في باطن الارض
نطمح ان يتم الاسراع في انجازه ليكون شاهداً يهتدى به بشان التعاون المتكافئ والبناء والمفيد بين الحكومات والشعوب، وزيادة نفوذ كل بلد على الآخر بوسائل جديدة ذات نفع للشعوب .