نوينَر فاتح
أعرب السفير الكندي في العراق، غريغوري غاليغن، عن قلق بلده من استخدام العراق كساحة للحرب بالوكالة بين أطراف أخرى، مبدياً دعمه لسيادة العراق بالقول: “نعتقد بوجوب احترام سيادته”.
وعن منح تأشيرة السفر الكندية، قال السفير الكندي إن على من يريد الحصول على التأشيرة أن يراجع المواقع الرسمية للحكومة الكندية، ووصف عمل المواقع التي تدعي أنها تستحصل التأشيرة لقاء مبالغ مالية كبيرة بأنه “عمل وحشي”.
وفي حوار أجرته شبكة رووداو الإعلامية، حذر السفير الكندي من الإعلانات الخاصة بتأشيرة السفر الكندية والتي تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وقال إن على من يريد التأشيرة مراجعة الموقع الرسمي للحكومة الكندية (Canada.ca) مؤكداً أن رسم التأشيرة الكندية هو 130 دولاراً فقط.
وعن الإحصائيات التي تتحدث عن العنف على أساس الجنس والقتل تحت يافطة الشرف في إقليم كوردستان، قال غريغوري غاليغن: “اطلعنا على إحصائيات مقلقة جداً.. يجب إلقاء القبض على الجناة”.
أدناه نص حوار شبكة رووداو الإعلامية مع السفير الكندي في العراق، غريغوري غاليغن:
رووداو: بعد مرور سنة على الانتخابات تشكلت الحكومة الاتحادية العراقية. في دول الغرب التي تراقب الأوضاع في العراق، ما هي توقعاتكم من هذه الحكومة؟
غريغوري غاليغن: أعتقد أن من الصعب التكهن بما سيحل بالحكومة العراقية الجديدة. لكننا اطلعنا على المنهاج الوزاري الذي أعلنته الحكومة الجديدة، والذي يركز على محاربة الفساد وعلى الخدمات وقانون النفط والغاز. هذه كلها أمور إيجابية. لهذا فإن الرسائل التي أطلقها رئيس الوزراء حتى الآن جيدة. نأمل أن يتمكن من المضي قدماً على منهاجه. نحن نعلم أن الفساد والأزمة الاقتصادية قضايا كبرى هنا ويجب حلها، والأمر متوقف على طريقة أداء الكابينة الحكومية.
رووداو: ساندت كندا الاستقرار في العراق من خلال العديد من البرامج، ومن بينها العلاقات بين بغداد وأربيل، كيف تنظرون إلى هذا الجانب؟ وهل هناك فرصة لحل تلك المشاكل في ظل الحكومة العراقية الجديدة؟
غريغوري غاليغن: أرى أن من مصلحة الأطراف جميعاً السعي لحل تلك التوترات القائمة منذ أمد بعيد بين أربيل وبغداد. العراق مؤلف من قوميات متنوعة، وكندا ترى أن من المهم أن تكون الحكومة هنا شاملة، بمعنى أن لا تعمل الحكومة من بغداد وحدها، بل تعمل جنباً إلى جنب المحافظات وحكومة إقليم كوردستان لتوسيع الفرص المتاحة لكل العراقيين. عندما ننظر إلى مسألة النفط والغاز، نرى بالتأكيد أهمية قيام الحكومة على المستويات المختلفة بالعثور على سبل التنسيق مع بعض والعمل مع بعض، لأن هذا يصب في مصلحة كل من بغداد وحكومة إقليم كوردستان.
رووداو: المساعدات التي خصصتها كندا للعراق، تضم إلى جانب دعم الاستقرار، دعم المرأة وحرية التعبير، لكن عن الاطلاع على آخر تقارير مراقبة حقوق الإنسان ووزارة الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان، لا نجد فيها مؤشرات إيجابية بخصوص الحريات. هل ترى أن هناك نوعاً من التراجع؟
غريغوري غاليغن: هذا سؤال لافت، لأننا اطلعنا على تقارير المنظمات، من قبل مراسلون بلا حدود ومراقبة حقوق الإنسان، وفريدوم إنديكس، ولا تزال هناك مجالات كثيرة تبعث على القلق في العراق. كندا استثمرت الكثير في هذه المجالات. لكن عندما تنظر إلى الوضع من أحد جوانبه، تجد أن هذه الأموال لم تخلف أي أثر. بعدما أنفقنا أموالاً كثيرة على مجالات الحوكمة، حرية التعبير،وخاصة الفرص الاقتصادية للمرأة في الحكم، وننظر إلى هذه الإحصائيات التي لا تأتي كما كنا نتوقع لها، نتساءل: ترى هل كانت هذه الاستثمارات في محلها؟.
لذا علينا أن نكون حذرين جداً عندما نجري تقييماتنا، لأن عدداً كبيراً من التغييرات التي نريدها أن تتحقق تغييرات تحصل على مدى أجيال، وخطواتها بطيئة. أنا أجد تقدماً إيجابياً في العديد من الجوانب، فعندما تشارك في حوار مفتوح، تجد مشاركة كبيرة للمرأة، وعندما نجوب البلد، ألتقي بنساء مستثمرات، لكن ذلك لا يكفي بعد.
من الجيد أن 3-4% من أعضاء البرلمان نساء فزن بأصوات الناخبين، وهناك نسبة لا بأس بها من النساء في البرلمان، لكن المسألة تكمن في ما هي صلاحياتهن وتأثيرهن بحيث يساهمن في تغيير النظام بصورة تصب في صالح الدفاع عن المرأة والمساهمة في حل مشاكلها وتحقيق حقوقها. أعتقد أننا بحاجة للمزيد من العمل في هذا السياق.
أنا قلق على مشاكل المرأة في كل مكان، ومن بين ذلك في إقليم كوردستان حيث اطلعنا على إحصائيات كثيرة تبعث على القلق بخصوص العنف على أساس الجنس والقتل تحت يافطة الشرف. المتورطون في هذه الجرائم يجب القبض عليهم. الأمر المشجع هو أن الحكومة تتحدث عن هذا باستمرار، لكن المطلوب هو التحول من مجرد الكلام إلى إصدار القوانين وتطبيق القوانين التي تسهم في حل هذه المشاكل.
رووداو: على مدى ست سنوات، من 2016 إلى 2022، خصصت كندا أكثر من أربعة مليارات دولار للعراق.. هل ستستمر هذه التخصيصات؟
غريغوري غاليغن: هناك 500 مليون.. نصف مليون دولار من المساعدات غير العسكرية. أعتقد أن عمل كندا في العراق، سواء تصاعدت الأرقام أم تراجعت، من الصعب تحديد ذلك، عندما بدأنا العمل في العراق كان ذلك استجابة لأوضاع إنسانية صعبة ظهرت بسبب بروز داعش. لذا ارتفع مستوى الدعم المالي حينها. على حد علمي سيستمر عمل كندا مع العراق بنسبة 100%، لكن يبدو أنه سيشد تغييرات. أعتقد أن المساعدات الإنسانية ستتقلص، لكني أرى في ذلك فرصة لكندا لتغيير الآلية التي نتبعها في العراق، للتحول من دولة مانحة إلى شريك ونعمل على عدد كبير من المشاكل في عموم العالم. أعتقد أن التغير المناخي يمثل الآن مشكلة كبرى في العراق. من دواعي الاعتزاز أن كندا جاءت للعمل إلى جانب بريطانيا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مشاريع الماء للعثور على طرق لمساعدة العراق في الحفاظ على موارده المائية من نهري دجلة والفرات. هذا مجال يمكن أن نعمل فيه كشركاء حقيقيين وننجز فيه المزيد. المجالات الأخرى، هي الزراعة والتجارة وأعتقد أن عدداً كبيراً من الشركات الكندية يتطلع إلى سوق العراق وهناك عدد من الشركات الكندية يعمل في قطاع النفط والغاز، ويسعدني أن يستمر هذا.
رووداو: نبقى مع مسألة التغير المناخي.. عندما أحاور ممثلي الدول الغربية في العراق، فإنهم دائماً يضعون التغير المناخي في مقدمة أعمالهم، لكني في الحقيقة لا ألمس ذلك عندما ألتقي السياسيين وأصحاب القرار العراقيين. هل لديك نفس الشعور؟ هل تشعر أنهم يشعرون بجد بأهمية وضخامة هذا الخطر؟
غريغوري غاليغن: أعتقد أن الأمر مرتبط بالسياسي نفسه الذي تحاوره. فعندما أزور منطقة كالناصرية أشعر بأن هناك قلقاً على قطاع الزراعة ومشاكل المياه هناك، ونفس الشيء في ميسان. أعلم أن الوضع في ديالى الآن كارثي، حيث لم يعد هناك ماء وقسم من تلك الموارد سيغير المحافظة ومجتمعها وسيسبب الهجرة. هذا موضع قلق. أعتقد أن سياسيي المنطقة يعلمون ذلك، والمسألة الآن هي كيف يتصدون للوضع. أعتقد أن ذلك بحاجة إلى جهود موحّدة. أحد الأسئلة التي طرحتها على الرئيس ورئيس الوزراء الجديدين، كان يتعلق بالتزاماتهما بمسألة التغير المناخي. تحدث الاثنان بالتأكيد عن (COP27) في مصر والوفد العراق وأنهما يدركان أنها مشكلة كبرى. لكن القضية على ما أرى، هي أين تأتي المشكلة في قائمة أولويات العمل العراقية؟ هل تأتي قبل الفساد؟ أم تأتي قبل الخدمات؟ أعتقد أن هذا الأمر يجب أن يحدده كل منهما. لكن مشكلة المياه على وجه الخصوص، والتغير المناخي بصورة عامة، قضية أمن، وهي أمر عمّ العراق كله ويؤثر على نمو المدن، فمع الافتقار للمياه سيتوقف النمو الاقتصادي وخاصة الزراعة التي تمثل جزءاً مهماً من الاقتصاد. كما سيؤثر على الأمن وعلى الهجرة. نحن نعلم أنه ليس بإمكان الناس أن تعيش إذا لم تصل أيديها إلى الغذاء والماء، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار. نحن لا نريد عودة الأصولية إلى العراق، لذا فإن المناخ قضية مؤثرة.
رووداو: تتعرض السيادة العراقية للانتهاك من جانب تركيا وإيران، وخاصة من جهة الحدود مع إقليم كوردستان، حيث تشن عمليات قصف وهجمات بالمسيّرات والصواريخ، لكن العراق لم يعمد حتى إلى عرض المسألة على مجلس الأمن الدولي. ما هو موقف كندا من ذلك؟
غريغوري غاليغن: نحن ندعم سيادة العراق ونرى أنه يجب احترام سيادته. قلقون من استخدام العراق كساحة لحرب بالوكالة بين الأطراف. أعتقد أن جينين بلاسخارت أشارت إلى أن الضروري جداً الآن في العراق هو حكم قوي يستطيع حماية سيادته. آمل أن نشهد في الحكومة الجديدة زيادة في التعاون والتنسيق بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كوردستان. من الأمور الأخرى، العمل على حماية حدود العراق ووجود خطاب موحد عند التحدث مع جيران العراق عن الذي يتوقعه العراق منهم في مجال السيادة وكيف يجب التعامل معه في هذا المجال.
رووداو: سؤالي الأخير سيكون عن تأشيرة السفر (فيزا) وهو أمر يهم متابعي من أبناء العراق. هناك العديد من مكاتب السياحة والسفر، يدعون أنهم يستحصلون تأشيرة السفر إلى كندا لقاء مبالغ مالية تبلغ في بعض الأحيان 10 آلاف دولار. هل يمكن للأهالي أن يثقوا في هؤلاء؟
غريغوري غاليغن: لا. أنظر، السفر إلى كندا لا يكون بهذه الطريقة ونظام منح التأشيرة عندنا ليس بهذه الصورة. لذا أقول للذين يريدون التأشيرة والسفر إلى كندا أن يحذروا عندما يجدون إعلاناً على فيسبوك. عموماً، عملية تقديم طلب السفر إلى كندا لا تبدأ هكذا مباشرة، بل تمر بعدد من الخطوات. أحث كل من يريد الحصول على معلومات حول تقديم طلب السفر إلى كندا لزيارة موقع (canada.ca) الحكومي، وعليهم أن يبحثوا فيه عن قسم تأشيرات السفر والهجرة.
بهذه الصورة سيكونون في موقع يدار من جانب وكالة الجنسية والهجرة الكندية. من هناك، يمكن للشخص إنشاء حساب، وتسجيل اسمه وملء استمارات البيانات، وكل هذا يجري عن طريق النت، ثم يمكن للشخص الانتقال إلى عملية القبول، ويمكنه الحصول على نوع التأشيرة التي يريدها، فلدينا أنواع من التأشيرات. لكننا نتقاضى 130 دولاراً عن منح التأشيرة، وليس هناك من يدفع 10 آلاف دولار لكي يسافر إلى كندا.. لكن عندما يتم قبض خمسة أو عشرة آلاف دولار من الشخص، فهذا حقاً عمل وحشي. على كل من يجد عروضاً كهذه أن يهملها، فهذه ليست من البرامج الحكومة ولا علاقة لها بالحكومة الكندية.
رووداو: هذا يعني أن على الناس أن لا تثق بمن يطلق تحت مسميات أخرى تعهدات باستحصال تأشيرة السفر الكندية؟
غريغوري غاليغن: هناك من يريد العمل بنزاهة، ومساعدة الناس، وهناك محامون يؤمنون خدمات التأشيرة، هؤلاء مجازون قانوناً، لكني أشجع الجميع عندما يريدون السفر إلى كندا والحصول على تأشيرة السفر إليها، على أن يكون أول مكان يقصدونه هو قسم الجنسية والهجرة في (canada.ca) والبدء منه.
رووداو: هذا يعني أن التأشيرة الكندية لا تكلف 10 آلاف دولار؟
غريغوري غاليغن: بالتأكيد لا.
نقلا عن موقع رووداو