ربط تشغيل المعامل باستيراد الغاز !
ماجد زيدان
منذ ما يقرب من عشرين عاما ونحن نسمع عن انتاج الغاز في البلاد وايقاف حرقه وهدره وتحويل هذه الثروة الى اموال ترفد الخزينة العامة والكف عن استيراده والاعتماد على طاقة صديقة للبيئة اسوة ببقية البلدان التي تحولت اليها لأسباب معروفة .
والسلطات بين مدة واخرى تعلن عن مشاريع لاستغلال الغاز من المباشرة بتحويل منظومات تشغيل السيارات على الغاز بدلا عن البنزين والديزل المتعثرة الى تشغيل المعامل الان ,
الغريب في الامر , ان ذلك يتم ونحن ما نزال نستورد الغاز من الجارة ايران وبأضعاف سعره ورهنت محطات توليد الطاقة بذلك , ومرة تقطع الامدادات لأننا لا نسدد فواتير الغاز وفي اخرى لحاجة البلد المصدر للغاز لاستهلاكه داخليا , ومن الطبيعي ان لا يفضل الغير على حساب حاجته ما دام المشتري لا يعمل على امتلاك موردا اخر .
المفارقة ان الشركة العامة للسمنت اعلنت عن تحويل منظوماتها التشغيلية من نفطية إلى غازية، و قرب إكمال ثلاثة معامل أحدها يعمل بمنظومة الغاز .
هذه الخطوة من حيث المبدأ والهدف جيدة ضرورية ولكن هل انتاج الغاز في البلد يسد الحاجة ام اننا نستورده وبسعر غال ؟
كما ان التوقيت ملائم ان نكمل تحويل معامل مهمة قبل اكتمال مشاريع انتاج الغاز المحلي التي تتطلب سنوات , وبالتالي نخلق ازمة في قطاع الاسمنت الذي قد لا يلبي انتاجه الحاجة ونضطر الى استيراده اضافة الى الغاز ؟
شركات الاسمنت تعزو القرار بسبب زيادة أسعار النفط الأسود من 150 ديناراً إلى 350 ديناراً للتر الواحد , وهذا سبب يمكن معالجته في مجلس الوزراء , اليس الحكومة تدعي انها مستعدة لدعم الانتاج الوطني وتحاول التخفيف عن المواطنين و النهوض بقطاع البناء واعمار البلد ..الخ؟
الواقع ان القرار سياسي بامتياز لربط قطاع صناعي حقق الاكتفاء الذاتي , كما ونوعا, ورهنه وخلق المعرقلات لنموه وتقليص الانتاج لعدم توفير مستلزماته , فالغاز المستورد كمياته تتذبذب واسعاره باهظة وهو يشكل مشكلة لقطاع الكهرباء فكيف نرهن قطاع صناعي يكاد ان يكون الوحيد في نجاحه بإرادة ليست بيدنا .
هناك من يقول ان هذا القرار يتحوط لإبقاء الحاجة للغاز المستورد لقطاعات غير الكهرباء بعد انجاز المشاريع الوطنية وربط الصناعة الوطنية بخارج الحدود , بعد خراب الزراعة وتحويل مصادر المياه وبالتالي بقاء العراق بلدا استهلاكيا وتابعا لا يقوى على النهوض في مختلف المجالات .