الانفلات الإعلامي

 

مؤيد السالم

من أزمات الإعلام الراهنة «طغيان التربح على الرسالة».. وهذا الأمر تسبب في المسير نحو رغبات المتلقي البسيط بتسليط الأضواء على الغرائب وتأجيج الغرائز لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة ومشاركة وبالتالي تدفق الإعلانات التي تمثل مواردها شريان الحياة بالنسبة للرافد الإعلامي، كل هذا أثر على المحتوى الإعلامي في ظاهرة يمكن أن يطلق عليها «الانفلات الإعلامي» حيث أصبح الدور الدعائي لوسائل الإعلام أكبر من دورها التثقيفي والتنويري، مع عجزها عن الوفاء بالمعايير المهنية اللازمة، وإدارتها لمصالح نخبة ضيقة، وعدم خضوعها إلي أي نمط من أنماط التنظيم الذاتي للإعلام أو الرقابة على الأداء وضمان الجودة وغياب الرسالة الرصينة، وكانت المحصلة تسطيح المتلقين من خلال برامج سطحية تافهة، لا تهيّج غرائز المتلقين فحسب، ولكن تمسح أدمغتهم، وتجعلهم عالة على مجتمعهم، وربما معاول لهدم بنيانه.

يقول د. خالد الفحص: “يأتي التمويل للمؤسسات الإعلامية من عدة طرق، أشهرها الإعلان التجاري، أو من خلال جهة رسمية. وهناك القنوات المشفرة التي تعتمد على الاشتراكات، بالإضافة إلى عائدات الرسائل الهاتفية، والتي أضحت مصدراً لا بأس به لتمويل القنوات الفضائية، وإن كانت مورداً غير ثابت، ذلك أنه مرتبط بمشاركة الجمهور، ولذا تلجأ بعض القنوات الفضائية إلى إثارة موضوعات حسّاسة اجتماعية أو طائفية أو سياسية لكي تغري الجمهور بالمشاركة. وهناك طريقة التبرعات وهذه مطبقة في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية حيث يساهم المشاهدون عبر تبرعاتهم لقناة معينة، والتي عادة ما تكون قناة اجتماعية هادفة، من أمثلتها خدمة التلفاز العام (PBS )”.

ويرى الخبراء أن فكرة «الملكية التعاونية» هي أحد الأفكار المثالية لتحرر الإعلام من سيطرة رأس المال، حيث يقول عنها الأستاذ محمد جاد: “يقوم هذا النمط على امتلاك عدد كبير جداً من المساهمين في هذه الوسيلة أرصدة صغيرة، وينتخبون جمعية عمومية، ومجلس إدارة يعبر عنهم. وهذا النمط من الملكية يحافظ على أداء الوسيلة الإعلامية بمعزل عن التأثر باستراتيجية مالك محدد أو عدد قليل من الملاك، كما أن زيادة عدد المالكين مع ازدياد دور الجمعية العمومية يزيد من مناعة وسائل الإعلام تجاه الضغوط السلطوية.

 

قد يعجبك ايضا