دلزار اسماعيل رسول
لقد كذبوا علي حينما قالوا أن الوقت سيشفي ألمي….لم تشفى …و لن تشفى حتى الاقي حتفي المحتوم لا محاله…بل على العكس كل يوم أحس ان الجرح ينخر كياني و يستفحل و يزداد سوءا على سوء …ولا يندمل …
ترى هل هناك أناس اذا باغتتهم العاطفة الجياشة سوف يلاقوا حتفهم ….عليه فالاحرى لهم ان يعيشوا في ركود و دعة …ولا يكون مصيرهم كالفراشة التي تلقى حتفها على السراج الوهاج…
الرجل لا ينسى بسرعة و حبه لا يتبدد بسرعة ..لذلك ..من أجلها فقط طعنت روحي و استمررت رغم آلامي …حبي دام اكثر من توقع الجميع …ولم يتوقف قط….إن الوشيجة التي تربطنا هي أقوى علاقة في العالم…لانها تلاصق الروح بالجسد …
الحب أجمل إحساس يمكن ان يحس به الانسان في الوجود…فهو يجعلك تطير و تحلق في عالم ثاني و تغرد مثل الطيور و تشارك ذلك العالم في سمفونيتها الخالدة…انها اما الجنة أو النار…ويا ويل من كانت له الثانية …فخيبة الامل التي تتركها لا تشفى و الشقاء الذي يتركه لن يتبدد …و إحساس بالوحدة قاتل …لا يؤنسه احد…
لم اكن اعلم انها سوف تقلب حياتي راسا على عقب …كنت شخصافيما مضى …و الان اضحى غير الذي كان …اريد منها ان ترجعنيالى سابق عهدي …الى ذاك الشخص الذي لم يكن يعرف الدموع …والان اصبحت ديدنه اليومي …الى ذاك الشخص الذي كان الضحكظله الظليل …و الان بات الهم و الحزن و الغم مثل غمامة تهيم علىحياته …ولا تفارق فؤاده لحظة واحدة…
كم احب ان أراها قبل موتي …و نهيم على وجوهنا على هذه البسيطة…مرة اخرى…نمضي كروح واحدة لا ثاني لهما ..و ننسى الوجوهالتي حوالينا …و نضيع في هذا العالم السرمدي …كمنتشين شربامن مياه الحياة حتى ارتويا …فاصبحا لا يحسان بما يدور حولهما…فباتا في سكينة حتى تخدرت اوصالهما …فامسيا في نوم ابدي….لا يريدان الاستيقاظ منها …لكي لا يصطدما بواقعهما المرير…
لماذا لا استطيع نسيانها …سؤال يحيرني…و يقض علي مضجعي…هل انا مخطئ بشأنها …الكل ينصفني ولا انصف نفسي…يا ليتنانترك محاكمة العقل …و نركن الى مسامحة القلب …ولكن هذه المرةاريد ان امضي بها الى بر الامان و نبتعد عن الامواج المتلاطمة . وهذا يحتاج الى قدر رباني عليائي ..اعلى من عالمنا الانساني السفلي…و حتى ذاك الوقت….سوف انتظر ….
لم أكن اعلم أنها رغم السنون و الاعوام ستكون شغلي الشاغل و تفكيري الدائم و سهادي المستمر…
احيانا كثيرة الصدمات و الانهيارات و الخيانات في العلاقات …قد ترسل ملك خارطة طريق من السمو و تفرض عطائها عليك … و قد تجعل منك تنزل الى الحضيض و تجر اذيال الذل و الهوان و الوحدة….
صادفت العديد من الموتى الذين جلسوا قبالتي فيما مضى و أفصحوا عما يجول في أعماقهم قبل أن يدركهم المنية…و تبادلنا أطراف الحديث… وما زالت كلماتهم لها صدى في أعماقي …و تمت البوح و المكاشفة بيني و بينهم …و كانت لهم قصصهم فيما مضى …. و الاندفنوها معهم تحت الثرى … و نصحوني طبقا لتجاربهم السابقة… ولكن لا اعرف لماذا لا استطيع الالتزام بمواعظهم حتى الان….
الموت يلاحقني منذ أن شببت … و أبيت أن الاقيه بكل ما أوتيت من قوة …رغم خيبات الامل المتكررة في الحياة …و النكسات المتلاحقة …و يوما بعد يوم …يزداد بعدي عن الحياة و اقترابي من الموت …رغم تشبثي بتلابيب الحياة …حتى بدأ في الاونة الاخيرة يتراءى أمام ناظري الموتى …كأنهم يؤدون طقوس ترحيبية لي …إيذاناً باقتراب أجلي …لذلك أحس بأن الموت يحوم من حولي … و يريد أن يعانقني المعانقة الاخيرة …
لا أعرف لماذا نعذب أنفسنا بأيدينا و نضع الاصفاد على أنفسنا ….إن قلبي يعتصر ألما …لم يعد بمقدوره التحمل أكثر …أم أننا مرضى نفسياً و نرغب بتعذيب أنفسنا أمام أمر من الصعوبة بمكان تحقيقه …
كلنا نحتاج الى شخص يملء علينا حياتنا…و لا نحس بالفراغ لكي نرتكب الحماقات و أشياء قد تجعلنا نخجل من أنفسنا …شخص يجعلنا نحس بالامتلاء الروحي و الجسدي…
حينما تريد أن تسد نقصا في حياتك …يمكن أن تفتح فجوة في حياتك …تتحول مع مرور الزمن الى هوة كبيرة تسقط فيها بقية حياتك لتذوق مرارتها …لذلك التعايش مع نقصك ….أفضل من محاولة ملئها ….