التآخي – ناهي العامري
عقدت منظمة حرية المرأة ندوة بعنوان (تاريخ السينما العراقية) استضافت خلالها الناقد السينمائي والإعلامي (علي حمود الحسن).
بدأ حمود محاضرته عن تاريخ السينما قائلا: الفنون جميعها تتمتع بولادة ملغزة (طلسمية) الا السينما فميلادها معلوم وتاريخها محدد، والسينما نتائج حمى التجريب التي تميز بها القرن التاسع عشر، وربما وجدت لرغبة مجنونة لثري مهوس بسباق الخيل، صنع لومير الفرنسي جهازا اسماه (سينما توغراف) ومنه اشتقت كلمة سينما، صور لومير بجهازه الجديد خروج عمال مصنعه الذي يملكه، وبعد ان درب مجموعة من المصورين، راحوا يجوبون العالم ليبشروا بهذا الفن الجميل والآسر، هؤلاء الجنود المجهولون، وصلوا الشرق وبهروا العالم بجهازهم العجيب والذي غالبا ما يحملوه على ظهورهم.
وعن وصول السينما الى الدول العربية والعراق أضاف الحسن: في مصر حقق مصوروا لومير ومن بينهم بروميو افلاما عن مشاهداتهم في القاهرة والاسكندرية، كان ذلك في عام ١٨٩٦ ، وتم عرض ذلك في مقاهي الاسكندرية ، وفي سوريا شاهد المواطنون هنالك أول الحفلات السينمائية في احدى مقاهي دمشق عام ١٩١٢، أما في العراق فلا احد يعرف بالضبط من أدخل هذه المتعة الجميلة الى بغداد، لكن الوثائق وعدد من الصحف التي نشرت اعلان يدعو الناس الى الاقبال على مشاهدة (الاعاجيب)، حيث يمكن اعتباره تاريخا للعروض الاولى التي شاهدها البغداديون، مثلما يذكر المؤرخ السينمائي والمسرحي العراقي أحمد فياض المفرجي في كتيبه (السينما في العراق) ان عرض أول فيلم سينمائي في العراق كان في ليلة الأحد ٢٦ تموز ١٩٠٩ في دار الشفاء في الكرخ، حينها اعجبت العروض بعض تجار بغداد وأثريائها، فقرروا اتخاذ مكان جميل عام يرتاده الأهالي وسط بستان لمشاهدة (الالعاب الخيالية) بموجب بطاقات، هذا البستان سيكون فيما بعد سينما (بلوكي) وبلوكي أسم احد تجار مكائن الخياطة المعروفين في بغداد، والذي وجد في استثمار امواله في هذه البدعة الجديدة ما يأتي بالفائدة له والمتعة للناس، فكانت بلوكي اول دار عرض تفتح في بغداد، ومن الطريف ان التاجر البغدادي المعروف حافظ لعيبي اطلق اسمه على اهم شارع في بغداد، قد ارسل اخيه مصطفى الى لندن ليجلب بطائرة خاصة معدات سينمائية كاملة، لكن لم يفلح في مشروعه.
بعد بلوكي كانت هناك سينما، عيساني ، اولمبيا، سنترال سينما، سينما العراق ، سينما الوطن.
ثم عرج الى دور السينما العراقية في النهضة الثقافية والفنية قائلا: تعددت دور العرض السينمائي في عشرينات القرن الماضي ، وشاهد البغداديون عشرات الافلام التي صورها أجانب في بغداد ، وبدأت الصحافة تهتم بهذا الفن الجديد، وفتحت الكثير من الشركات السينمائية الامريكية، وبدأت بوادر رأس المال الوطني باستيراد الافلام لدور السينما ، وبدأ الشباب العراقي الذي وجد في المسرح ضالته، استهواه هذا الوافد الجديد، فجربوا حظهم ومارسوا فنهم فيه، فاشتغل بعضهم كمبارس ، واشتركوا كممثلين هواة في افلام مشتركة مع المعدين الذين وجدوا في العراق ارضا بكرا لم تكتشف بعد، فكثرت زيارة الفرق المسرحية والغنائية ، وفيما بعد السينمائية، وقد وصل الامر الى ان يأتي النجم او الممثل الاول الى بغداد واحيانا المحافظات ليفتح العرض الاول، ومن الفنانين الذين ظهروا كومبارس في عقد الثلاثينيات (نزهة العراقية) التي مثلت في فيلم (العزيمة) للمخرج كمال سليم رائد السينما المصرية.