جواد كاظم ملكشاهي
بعد أشهر عديدة من التحضيرات والتمهيدات واجراء الانتخابات في فروع ومكاتب ومؤسسات الحزب الديمقراطي الكوردستاني، تقرر عقد المؤتمر الرابع عشر للحزب في مدينة دهوك في الثالث من شهر تشرين الثاني المقبل، حيث سيشارك فيه 800 عضواً منتخباً من فروع ومؤسسات الحزب في داخل العراق وخارجه فضلاً عن قياديي الحزب كما سيكون 25% من اعضاء المؤتمر من العنصر النسوي لمناقشة الأمور الحزبية ومراجعة النظام الداخلي واجراء تغييرات في قيادة الحزب عبر انتخابات حرة ديمقراطية لقيادة المرحلة المقبلة.
مؤتمرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي تجاوز العقد السابع من تأسيسه ونظراً لتجاربه الطويلة وخبرة قيادته الحكيمة وعلى رأسها فخامة الرئيس مسعود بارزاني، هي ليست مؤتمرات شكلية او روتينية، او لمجرد تنفيذ بند من بنود النظام الداخلي الذي ينص على عقد المؤتمر كل اربع سنوات فحسب، بل الغاية منه مراجعة وتقييم دقيق لعمل ونشاطات مؤسسات الحزب خلال الفترة الماضية والخروج بقرارات تتناسب مع متطلبات المرحلة الراهنة والمقبلة، سيما وان الحزب يواجه تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والإقليمي نظراً لالتزامه بالثوابت الوطنية والقومية.
طبقا للنظام الداخلي للحزب ينبغي ان يعقد المؤتمر كل أربعة أعوام مرة، ولكن تأجل انعقاد بعضه لأسباب قاهرة، منذ تأسيس الحزب في عام 1946الى الان عُقد ثلاثة عشر مؤتمراً وخلال المؤتمرات الماضية تمت مناقشات مستفيضة للأمور المختلفة وطرأت بعض التعديلات على النظام الداخلي وفي كل مؤتمر تم تحديث قيادة الحزب طبقاً لنتائج التصويت الحر.
سينعقد المؤتمر الرابع عشر في دهوك بداية الشهر المقبل، في ظل متغيرات كبيرة يشهدها العراق والمنطقة والعالم، على مستوى العراق ماتزال العملية السياسية تشهد خلافات وصراعات بين القوى والأحزاب السياسية وفي الإقليم أيضا فضلا عن التدخلات الإقليمية التي حالت دون استقرار الأوضاع بل وزادتها تعقيداً، وتعامل الحزب الديمقراطي الكوردستاني بحكمة وكياسة مع جميع تلك المتغيرات ولعب دورا فاعلاً لتخفيف حدة الصراعات على مستوى الإقليم والعراق بشكل عام.
على مستوى المنطقة، اتخذ الحزب الذي له الثقل الأكبر في قيادة حكومة الإقليم سياسة متزنة للتعامل مع الدول المحيطة والشرق الأوسط بشكل عام، نظراً لوجود مشاكل وخلافات كبيرة بين جميع دول المنطقة لأسباب عديدة منها تتعلق بوجود جزء من الشعب الكوردي ضمن جغرافية كل من تركيا وايران وسوريا، اذ يتطلب ذلك اتباع سياسة ذكية وحكيمة بشكل لا يتخلى الحزب عن التزاماته القومية ازاء اشقائه في الدول المذكورة من جانب وبناء علاقات طبيعية مبنية على الاحترام المتبادل معها والاهم اشعارهم بالفعل وليس بالقول بأن الإقليم لا يشكل خطراً على امن وسيادة تلك الدول.
وعلى المستوى الدولي، للحزب علاقات وطيدة تمتد لعقود مع غالبية الأحزاب في دول العالم وبالأخص الدول الأوروبية والولايات المتحدة فضلا عن روسيا والصين والدول الاسيوية الأخرى، بحيث اصبح الحزب الديمقراطي الكوردستاني عنصراً فاعلاً في التعاطي مع سياسات ونهج جميع الأحزاب السياسية في تلك الدول، ويشكل اليوم ثقلا كبيراً على مستوى الأحزاب السياسية العالمية التي لها باع طويل في ممارسة الديمقراطية وقيادة حكومات في دول مختلقة.
كل هذه المعطيات، تتطلب ان يكون المؤتمر الرابع عشر للحزب، مؤتمراً نوعياً، يأخذ على عاتقه مناقشة اوضاع الحزب الداخلية بشكل دقيق ومعالجة مواطن الخلل من خلال ممارسة النقد والنقد الذاتي ودراسة وتقييم اوضاع العراق والمنطقة والعالم بدقة متناهية للخروج بقرارات ونتائج تنسجم مع الواقع الحالي ومع جميع المتغيرات خلال السنوات الأربع القادمة.
عيون الأمة الكوردية وخصوم وأصدقاء الحزب الديمقراطي تترقب نتائج المؤتمر بلهفة، كون نجاح المؤتمر هو تقدم القضية الكوردية في العراق والشرق الأوسط خطوة أخرى نحو الامام وتحقيق الحلم الكبير واملاً لأبناء الأمة الكوردية والأقليات القومية والدينية التي تتعايش معها منذ الاف السنينو كذلك لأصدقاء الحزب، ولا سامح الله اخفاق الحزب في تحقيق النتائج المرجوة من المؤتمر يعد ضربة قاصمة للديمقراطية في إقليم كوردستان والعراق.
عيون الخصوم والمؤيدين نحو نتائج المؤتمر، الخصوم يحاولون النيل منه وخروج البارتي ضعيفاً، وغالبية الكورد في اجزاء كوردستان عيونهم على البارتي ان يخرج ناجحا، لأن قوة ونجاح البارتي هو قوة للقضية الكوردية في الشرق الأوسط و ضعفه لا سامح الله هو قطع الأمل لمستقبل القضية في المنطقة.