ماجد زيدان
الحديث على كل شفة ولسان وقي كل مكان , في البيت والعمل , وفي الشارع , ويبتدأ به في المجالس الخاصة والعامة عن سرقة القرن , سرقة 5ر 2 مليار دولار من اموال امانات الضرائب العامة وشاركت فيها جهات كبيرة من مؤسسات عدة , من الساسة والنواب ومسؤولين كبار وموظفين وفقا للمثل الشعبي القائل ” فرهود يا أمة محمد ” .
عندما كشفت بعض الملابسات للجريمة النكراء وبدأ التحقيق اخذت كل جهة ترمي بالمسؤولية على الجهة الاخرى وتحاول ان تبرء نفسها , وان الاموال صرفت لخمس شركات من دون تخويل من صاحب الامانة الاصلي , والاكثر مرارة ان بعض الفاسدين قد فروا من البلاد بعد استقدامهم امام القضاء وتم كفالتهم بمبالغ هزيلة و من مجريات الحدث يتبين انه سهل امر هروبهم خوفا ان تجر التحقيقات الى الكشف عما يزال مستورا وما وراء الشركات الخمس المتهمة والمعلن عنها .
اكثر من هذا الفضيحة انتشرت خارج البلاد لأنه لم يسبق لها مثيل ولايزال الغموض يلف المتورطين والمرتكبين لها والاجراءات ليست بمستوى الكارثة التي حلت بالاقتصاد الوطني , في بلدان اخرى اقل من هذه السرقة اطاحت بحكومات واودع مقترفيها في السجون فورا وقبل ان تتاح الفرصة لهم للإفلات بفعلتهم او طمطمة الادلة ولا تقبل الكفالات في مثل هذا الحال .
الحصاد الاولي ان تأثيرها سيكون مؤلما ومضرا بسمعة البلد الاقتصادية , فالشركات الاجنبية زادت من تحوطاتها , وفقدت الثقة بالاقتصاد الوطني من فترة جراء استشراء الفساد , وربما تفرض قيودا مالية كبيرة للتامين على نشاطاتها خشية من النهب العلني لأموالها , بل ان بعضها قد لا يتورع من المشاركة في حفلة النهب هذه لضعف الضوابط القانونية والمال السائب يعلم على الحرام .و دائما يلاحظ ان المؤسسات المالية الاقليمية والدولية تطلب قدرا من الشفافية والنزاهة وصرامة الحاسبات في تعاملاتها وتنفيذ برامجها وانشطتها مع البلدان .
الان يقع على الحكومة العراقية ليس الاسراع في انهاء التحقيقات , وانما الاعلان عنها
واستعادة الاموال المنهوبة واصدار الاحكام القضائية بحق المشاركين في جريمة الاختلاس , كي نطمئن المجتمع الدولي بان العراق دولة وليس عصابات تتحكم به , وتضرب عرض الحائط تعليمات صرف الاموال , وحذار من لفلة القضية بعد شيوعها مهما كانت الجهات التي ورائها .
ان المال العام مقدس لأنه ثرة وطنية وضرورة الحفاظ عليه لا ينفع معه العفو عن سارق له ولا التهاون في استرداده ولا عن متستر ومساعد على سرقته , لان اصحاب هذا المال شعب بأكمله وليس سائبا , وقطع يد السارق الذي يتجرأ عليه من البديهيات في الدولة التي تحترم نفسها وحكامها لا يؤمنون بالفوضى .
من البيئة المناسبة للاستثمار ونجاحها في اي بلد التقيد بأحكام القانون ونزاهة مؤسساته وندرة الفساد فيه .
ز