الغلو الديني وخطاب الكراهية

 

شيروان الشميراني

 

هدف هذه المقالة، هو مقولات رجل الدين “حسين الأميري” الدينية على قناة تقول إن إسمها – الأنوار -، والخطيب في كربلاء، الحديث المُدْلى به، سواء كان قديماً أو حديثاً فقد أعيد نشره ما يعني أن غرضاً سيئاً وراء إعادة نشره، في وقت أن العراق بحاجة الى كلمات الوحدة أو المسالمة والأمان، وليس إلى خطاب التفجير الإجتماعي والتفرقة.

 

1- الغلو هو تجاوز الحد في أي شيء، بمعنى أنه يمكن للمرء بحكم الطبيعة البشرية ان يميل إلى فكرة أو دين أو شخص أو بلد أو قبيلة، لكن أن يبقى في النطاق المعقول، بمعنى أن يبقى في دائرة لا تتخطى حق الآخرين في الشيء ذاته.

 

والكراهية هي كل ما يسيء للآخرين ويحط من شأنهم في معتقداتهم وأفكارهم ومرجعياتهم القومية والإنسانية والفكرية، عبر توظيف أدوات التعبير والمخاطبة من قول أوفعل، مقروءاً أو مسموعاً أو مرئياً.

 

هذان المبدآن، شُغل العالم الآن، في محاولة وضع حدٍّ للاإستقرار والصدامات الموجودة على مستوى العالم كله، خاصة في الدول التي تعيش نزاعات دينية وقومية والتي سببت إزهاق الأرواح وسفك الدماء، وهدم وتدمير العمران.

 

2- في العراق، مكونات دينية وقومية ومذهبية، تصارعت فيما بينها عبر عقود من الزمن، ومازال البلد يعاني ولم يشفى من الأعراض لأن الأسباب لم تعالج، ولكن مع ذلك، فإن أشد الناس طائفية على وعي بالموضوع وخطورته ويتجنبون تبنيه، بل إن من مفردات الخطاب هو نبذ الطائفية والعمل على تجاوزها واحترام الأخرين من المختلفين.

 

 لكن في وقت يضع الجميع يده على قلبة دعوة من الله ان لا تنفجر حرب طائفية أو قومية أخرى، يخرج على هذا الشعب المكلوم الذي لم يرى الخير في أحد ممن تصدر المشهد بدعوى الخدمة، ليؤسس دينياً للتفرقة والعنصرية، ويؤصل دينياً للكراهية والطبقية المذمومة.

 

ملخص كلامه (أن الفروقات الأساسية التي تنتج التفاضل موجودة خارج الارداة الإنسانية وإنها من الخالق!، الزواج لا يجوز مع الكورد لأنهم طائفة من الجنّ، كشف الغطاء عنهم فأصبحوا في شكل الانسان، وكذلك عرب الأحواز و الهنود والباكستانيين والسريانيين، فهؤلاء من طينة أخرى، فكما لا يتناسب قطع غيار السيارات المختلفة عند التصليح، فكذلك الحكم مع هؤلاء قياساً، فالاخلاق والأعراف والأصول مختلفة).

 

لا فرق بين هذه الكلمات وبين زرع المتفجرات داخل الاحياء والمدن والبيوت والمنازل، فهي وتلك صادرة من عقلية متشابهة مع الاختلاف في مكان العمل فحسب، هذا النوع من الفهم ينتج الغلو ومن ثم التعصب ومن ثم الكراهية ومن ثم الإتيان من الأساس على كل مقومات التعايش السلمي بين الشعوب والأقوام.

 

3- إنه يأتي بالضد وعلى النقيض من الحقائق القرآنية وكل الأسس الإسلامية التي ترفض وتحارب كل تمايز على الأسس العرقية والقومية والإختلافات الطبيعية التي هي من صنع الله سبحانه، كالنظر الدوني للزنوج لأنهم من أصحاب البشرة السوداء وناقصوا الخِلقة، حيث القرآن الكريم يقرر وحدة النشأة لكل الإنسانية بما هو إنسان، مجرداً عن كل مقوم آخر، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ، واحِدَةٍ، وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ والْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (النساء:1).

 

 وكل ما يميز البشر عن بعضهم البعض مما هو خارج الإختيار لن يخل ولن يؤثر بالكرامة الإنسانية التي يتمتع بها، لأنه من بني آدم، {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا }(الإسراء: 70).

 

4- إنه يأتي بالضد من كل القيم الإنسانية التي يعمل العالم والمنظمات الأممية العمل من أجلها، وتثبيتها، إقراراً بوحدة الإنسانية، وإلى الآن مازال الغرب يعمل من أجل شطب الصفحات السيئة والسوداء من تأريخه، من تلك التي مارسها بحق الشعوب الأفريقية ليس لشيء سوى لأنهم أسود أو زنوج، ونظَّر المنظرون، وكتب المثقفون، وسنَّ المشرعون الكثير من القوانيين من أجل إثبات أن البشر متساوون في الحقوق والواجبات؟ كما أن المناطق التي تعاني من اللأمن واللاإستقرارالمجتمعي، أول من يأخذ الأولوية للإهتمام به والعمل له، هو أنكم شعب واحد لافرق بينكم والتذكير بإن التنوع عامل إثراء وليس عامل تضاد وتقاتل أو التعصب والحقد والكراهية، والعراق الآن ومن فترة طويلة، في مقدمة الدول التي تحتاج الى الخطاب الهاديء الذي يوزع المحبة بين الاقوام وأتباع الأديان، والإسلام خاصة والدين عموماً من أكثر ما يفتخر به هو: انه ينظر إلى البشر على أنهم عيال الله وان لا فضل لعربي على عجمي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى، والتقوى المقصود هنا هو السلوك والعمل الصالح، وليس اللون والقوم والمذهب، إزاء النزاع العالمي الذي نعيشه يقدم المسلمون دينهم على انه هو الحل الناجع لكل الحروب المنشرة على الكرة الأرضية، وهذا من دون يمنع الإنسان أن يحب قومه ويعمل من أجلهم، فهي خاصية جبلية فطرية مغروسة في الوجود الإنساني.

قد يعجبك ايضا