هلوسات ندى

فوز حمزة 

بعد مرور أشهر على انتهاء شهر العسل، تفاجأت أن لزوجي خالد زوجة غيري!. 

أبديتُ غضبي ورفض الأمر بطلب الانفصال، تراجعتُ بسرعة بعد اكتشافي لحملي ورضيت مشاركة ندى ليس في زوجي فقط، بل في بيتي وغرفة نومي، التي بدأنا نتقاسمها مناصفة!.

يبدو أن فلسفة التنازلات تبدأ هكذا!.

بعد مدة طويلة قضيناها معًا، بدأت أتعاطف مع تلك المرأة، التي تحاول تمثيل دورالسعيدة أمامي وكأنها عثرت بزواجها منه على كنز ثمين. سرعان ما تبدل حالها، إذ بدأت تشتكي من أنانيته ومشاعره المتحجرة وأمور تخص علاقتهما الحميمية.

الغريب، الذي كان يثير دهشتي، وأحيانًا غضبي، محاولة نسيانها كل ذلك حالما تراه، فتفعل كل ما من شأنه إثارة إعجابه فيما يخص زينتها وملابسها المغرية، وحينما سألتها: لِمَ تفعلين ذلك وقد كان سببًا في حزنك هذا الصباح؟!.

قالت بنبرة كمن يريد إغلاق الموضوع: ربما يتغير في المستقبل!.

المستقبل لم يغيره، بل أكد صورته الحقيقة، رجل لا تهمه مشاعر زوجته، ربما كان يظن أنها بلا مشاعر!. هذا ما خطر ببالي وأنا أسمعها تتشاجر معه، فلا يتوانى عن قول أيّة كلمة تجرحها.

أحيانًا أتساءل مع نفسي: هل حقًا يحبها؟!.

فترد عليّ المرآة: أيُّ حب يسمح لزوج بالتنمر على زوجته والتقليل من أنوثتها مع أنها كانت جميلة ومثقفة وتستحق زوجًا أفضل منه؟!. 

ليس من السهل الاعتراف بذلك، لكنها الحقيقة!.

سألتني ذات نهار وهي تغسل الصحون: هل أستحق هكذا حياة؟!.

سألتها: لماذا تزوجتِ به؟.

قالت بعد إغلاقها الحنفية: 

– ليلة البارحة وهو مستلقٍ على الفراش يدخن سيجارة، سألني: هل تحبينني؟.

سألتها بلهفة أنتظر الإجابة.

– بماذا أجبته؟.

– أكدتُ حبي له مع أنني في قرارة نفسي لم أكن متأكدة من مشاعري نحوه. 

وددتُ إخبارها أن الحب حين يكون حاضرًا بين اثنين يطغي على المشهد كله، فيصبح الحديث عنه مجرد ثرثرة، لكنني احتفظت برأيي. ندى كانت ترفض مواجهة الفشل وتجد في الأوهام، التي تخلقها ملاذًا لها. بدأت أشفق عليها وفي ذات الوقت لا أبالي لأمرها.

في صباح الإثنين الماضي، بعد أن قدمت لها فنجان القهوة، قالت بحزن:

– ليلة البارحة، سمعته وهو نائم يردد اسم امرأة غيري، سألتني وعيناها مصوبة نحو الفراغ: 

– هل تعرفين مَنْ تكون؟.

انشغلتُ عنها أحاول معرفة ما الذي يسيل على خدي. 

كلتانا كانت تنتظر من الأخرى أن تثور بوجهه، الانتظار طال والوقت يمر لصالحه، بدأنا نتشاجر ونفتعل المشاكل لبعضنا في غيابه. لجوؤنا للصمت في حضوره جعل من رؤوسنا ساحة لمعارك طاحنة وصراعات داخلية لا تنتهي إلّا حينما أسلم جسدي للنوم. 

تذكرتُ ذات صباح سؤال ندى لي وأنا أعدُّ القهوة: 

– لِمَ تبررين له وتجدين الأعذار وأنتِ تعلمين أنه كان مخطئاً؟!.

قلت لها متحاشية النظر في عينيها: 

– قبل الزواج، رسمت له في خيالي لوحة جميلة، لا أريد الاعتراف لنفسي أني كنت أرسم ملامح رجل آخر.

وأنا أفتح الحنفية، سمعت خالدًا يناديني: ندى .. أين فنجان القهوة؟!.

قد يعجبك ايضا